المواضيع الأخيرة
كيف اشتري اسهم في البورصة السعودية
من طرف salma3li الإثنين أبريل 22, 2024 7:10 am

افضل شركة توزع أرباح في السوق السعودي
من طرف salma3li الإثنين أبريل 22, 2024 6:54 am

طرق الاستثمار في الاسهم بالسوق السعودي
من طرف salma3li الإثنين أبريل 15, 2024 7:43 pm

شركة أديس القابضة
من طرف salma3li الجمعة أبريل 12, 2024 11:22 pm

المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 2 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 2 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد

[ مُعاينة اللائحة بأكملها ]


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 111 بتاريخ الخميس يناير 02, 2020 11:11 pm
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 213 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو عبدالرحيم فمرحباً به.

أعضاؤنا قدموا 2907 مساهمة في هذا المنتدى في 1854 موضوع

لونك المفضل


الملتقى العلمي للطلاب الجزائريين :: الأرشيف الاجتماعي :: Old4you :: الأرشيف العام :: خيمة الأدب والأدباء

الاحتجاج في العربية: المحتج بهم – زمان الاحتجاج

Admin
الاحتجاج في العربية: المحتج بهم – زمان الاحتجاج الاحتجاج في العربية: المحتج بهم – زمان الاحتجاج الاحتجاج في العربية: المحتج بهم – زمان الاحتجاج الاحتجاج في العربية: المحتج بهم – زمان الاحتجاج الاحتجاج في العربية: المحتج بهم – زمان الاحتجاج
الاحتجاج في العربية: المحتج بهم – زمان الاحتجاج



د. محمود فجال





كلام العرب شعراً ونثراً مصدرٌ من مصادر الاحتجاج به في اللغة والنحو والصرف بعد كتاب الله – تعالى – وحديث رسولِه ومصطفاه صلى الله عليه وسلم.

وجميعُ العرب ولدُ إسماعيل – عليه الصلاة والسلام – فقد أنطقه الله – عزوجل – بالعربية المُبِينَةِ على غير التلقين والتمرين، وعلى غير التدريب والتدريج[1].

ففي ((طبقات فحول الشعراء)) – 1: 9 –: (قال يونس بن حبيب: أَوَّلُ من تكلم بالعربية، ونسي لسانَ أبيه إسماعيل بن إبراهيم – صلوات الله عليهما –).

ويستثنى من ذلك قبائلُ حِمْيَرِ، وبقايا جُرْهُمَ.

ففي ((طبقات فحول الشعراء)) – 1: 11 – (قال أبو عمرو بن العلاء: ما لسانُ حمير وأقاصي اليمن اليوم بلساننا، ولا عربيتهم بعربيتنا، فكيف بما على عهد عادٍ وثمودَ مع تداعيه ووهبه).

وكان العرب – قديماً – يقطنون اليمن والحجاز وما جاورهما، ثم انتشروا في سائر البلاد.

ففي ((فقه اللسان)) – 1: 3 –: (قال يوسف داود الموصلي في كتابه في ((نحو العربية)): إن اللغة التي تُسْتَعْمَل في معظم الغربية الجنوبية من آسيا، وفي مصر، وسائر البلاد الشمالية من إفريقية، وفي غير ذلك من الأمصار، تسمى اللغة العربية نسبة إلى العرب الذين هم في الأصل سكانُ اليمن والحجاز، وسائر ما يجاورها من البلاد المعروفة بجزيرة العرب، وسكان صحارى الشام، والجزيرة والعراق.

وكانت اللغة العربية على أنحاء شتى بسبب اختلاف قبائل العرب وتوالدهم كما يختلف الآن لسان البلد الواحد عن لسان البلد الآخر من بلاد العرب أنفسهم).

والعربي يحسن اختيار اللفظ للدلالة على المعنى المقصود، في موضعه المنشود، وله عناية فائقة في النثر والشعر.

قال الشافعي – رحمه الله – في ((الرسالة)) – 42 – (لسانُ العرب أوسعُ الألسنة مذهباً، وأكثرها ألفاظاً، ولا نعلمه يحيط بجميع علمه إنسان غير نبي، ولكنه لا يذهب منه شيء على عامتها حتى لا يكون موجوداً فيها من يعرفه).

وهذا كلام حري أن يكون صحيحاً، ولم يَدَّعِ أحد ممن مضى حفظ اللغة كلِّها[2].

والمراد بكلام العرب المستشهد به كلامُ القبائل العربية الموثوق بفصاحتها، وصفاء لغتها في الجاهلية والإسلام إلى أن فسدت الألسنةُ بالاختلاط مع الأعاجم، وفنشو اللحن.

وأفصح العرب قبيلة قريشٍ، ولهذا نزل القرآن الكريم بلغتها.

قال أبو نصر الفارابي في أول كتابه المسمى بـ((الألفاظ والحروف))[3]: (كانت قريش أجود العرب انتقاداً[4] للأفصح من الألفاظ، وأسهلها على اللسان عند النطق بها، وأحسنها مسموعاً، وأبينها إبانةً عمَّا في النفس، والذين عنهم نقلت اللغة العربية، وبهم اقتدي، وعنهم أخذ اللسان العربي من بين قبائل العرب هم: قيس، وتميم، وأسد، فإن هاؤلاء هم الذين عنهم أكثر ما أخذ ومعظمه، وعليهم اتكل في الغريب، وفي الإعراب والتصريف، ثم هُذَيْل، وبعض كنانة، وبعض الطائِيِّينَ، ولم يؤخذ عن غيرهم من سائر قبائلهم)[5].

وقال أحمد بن فارس في ((الصاحبي)) – 33 – 34 – (... أجمع علماؤنا بكلام العرب، والرواة لأشعارهم، والعلماء بلغاتهم وأيامهم ومحالِّهم: أن قريشاً أفصح العرب ألسنةً، وأصفاهم لغة، وذلك أن الله – جل ثناؤه – اختارهم من جميع العرب واصطفاهم، واختار منهم نبيَّ الرحمة محمداً صلى الله عليه وسلم.

فجعل قريشاً قُطَّانَ حرمه، وجيران بيته الحرام، ووُلاتَهُ. فكانت وفود العرب من حُجَّاجها وغيرهم يفِدون إلى مكة للحج، ويتحاكمون إلى قريش في أمورهم. وكانت قريش تعلَّمهم مناسِكَهم، وتحكم بينهم...

وكانت قريش – مع فصاحتها، وحسن لغاتها. ورِقَّةِ ألسنتها – إذا أتتهم الوفود من العرب، تخيَّروا من كلامهم وأشعارهم احسنَ لغاتهم، وأصفى كلامهم، فاجتمع ما تخيروا من تلك اللغات إلى نحائِزِهِمْ وسَلاَئِقِهِمْ التي طبعوا عليها، فصاروا بذلك أفصح العرب.

ألا ترى أنك لا تجد في كلامهم عَنْعَنَةَ تميم[6]، ولا عَجْرَفِيَّةَ قيس[7]، ولا كَشْكَشَة أسد[8]، ولا كَسْكَسَةَ ربيعة[9]، ولا الكَسْرَ الذي تسمعه من أسد، وقيس مثل: يِعْلَمُون ونِعْلَم، ومثل: شِعير وبِعير؟)[10].

والنحاة اعتمدوا في تقعيد القواعد، وتثبيتها على لغات هذه القبائل، فاعتمدوا على لغة قريش، وسموها: اللغة الحجازية، ويأتي بعدها في الفصاحة لغةُ تميم، وتُقْرَنُ بكتب النحو والصرف بلغة الحجاز.

وللنُّحاة عانية بذكر لغة قيس، وقد تقرن بلغة الحجاز، وبلغة تميم، كما يعتنون بلغة بني أَسَدٍ، وبلغة طيء.

وفي مقدمة ((فقه اللسان)) – 1: 3 – 4 –: قال الشيخ يحيى في رسالته المسماة ((ارتقاء السيادة)): إن العربَ المأخوذَ عنهم اللسانُ العربيُّ، الموثوقَ بعربيتهم هم: بنو قيس، وتميم، وأسد وهُذَيْل، وبعضُ الطائيين. اهـ.

فكانت لغةُ هذه القبائل المذكورة أفصحَ لغات العرب، وعليها المعتمد، وإليها المرجع، ومن هذه القبائل: بنو قريش، وهم بطون مضر ولد إسماعيل، ولغتهم مفضلة على غيرهم؛ لأنه فيها نَزَل ((القرآن)).

ومضر هو ابن نزار بن معد بن عدنان وإليه تنتهي أنسابُ قريش وقيس وهُذَيْل وغيرهم[11].

أخرج البخاريُّ في ((صحيحه)) في ((كتاب فضائل القرآن)) – باب نَزَلَ القرآن بلسان قُرَيْشٍ والعَرَبِ – 6: 97 – من حديث أنس بن مالكٍ قال: (فأمر عثمان زيد بن ثابت وسعيد بن العاص وعبدالله بن الزبير وعبدالرحمن بن الحارث بن هشام أن ينسخوها[12] في المصاحف، وقال لهم: إذا اختلفتم أنتم، وزيد بن ثابت في عربية من عربية القرآن فاكتبوها بلسان قريش، فإن القرآن أنزل بلسانهم ففعلوا).

وفي ((فتح الباري)) – 9: 9: قال القاضي أبو بكر بن الباقلانيُّ: معنى قول عثمان: نزل القرآنُ بلسان قريش، أي: معظمُه، وأنه لم تقم دلالة قاطعةُ على أنَّ جميعَه بلسان قريش، فإن ظاهر قوله – تعالى – {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} أنه نزل بجميع ألسنة العرب، ومن زعم أنه أراد مضر دون ربيعة، أو هما دون اليمن، أو قريشاً دون غيره فعليه البيان، لأن اسم العرب يتناول الجميع تناولاً واحداً.

وقال أبو شامة: يحتمل أن يكون قولُه: نزل بلسان قريش أي: ابتداء نزوله، ثم أبيح أن يُقْرَأَ بلغة غيرهم. اهـ.

وتكملته أن يقال: إنه نزل أولاً بلسان قريش أحدُ الأحرفِ السبعة، ثم نزل بالأحرف السبعة المأذون في قراءتها تسهيلاً وتيسيراً. فلما جمع عثمانُ الناس على حرف واحد رأى أنَّ الحرف الذي نزل القرآن أوَّلاً بلسانه أَوْلَى الأحرف، فحمل الناس عليه؛ لكونه لسان النبي صلى الله عليه وسلم، وللِمَا له من الأوَّلِيَّة المذكورة...).

و((القرآن الكريم)) هو في أعلى مستويات الفصاحة بالإجماع.

قال ابن خالويه في ((شرح الفصيح)): (قد أجمع الناس جميعاً أن اللغة إذا وَرَدَت في القرآنِ فهي أفصحُ مما في غير القرآن، لا خلافَ في ذلك)[13].

قال أبو نصر الفارابيُّ في ((الألفاظ والحروف)): (.. وبالجملة فإنه لم يؤخذ عن حضَرِيٍّ قط، ولا عن سُكَّان البراري ممن كان يسكن أطراف بلادهم التي تجاور سائِرَ الأمم الذين حولهم؛ فإنه لم يُؤْخَذْ لا من لَخْمٍ، ولا من جُذَام؛ لمجاورتهم أهل مصر والقِبْط، ولا من قضاعة، ولا من غسَّان، ولا من إياد؛ لمجاورتهم أهل الشام، وأكثرهم نصارى يقرأون في صلاتهم بالعبرانية، ولا من النَّمِرِ، فإنهم كانوا بالجزيرة مجاورين لليونانية، ولا من بكر لمجاورتهم للنَّبَطِ والفرس، ولا من أزْدِ عمان، لمخالطتهم للهند والفرس، ولا من أهل اليمن[14] أصلاً، لمخالطتهم للهند والحبشة، ولولادة الحبشة فيهم، ولا من بني حنيفة، وسكان اليمامة، ولا من ثقيف، وسكان الطائف، لمخالطتهم تُجَّار الأمم المقيمين عندهم، ولا من حاضرة الحجاز؛ لأن الذين نقلوا اللغة صادفوهم حين ابتدأوا ينقلون لغة العرب قد خالطوا غيرهم من الأمم، وفسدت ألسنتهم.

والذي نقل اللغة واللسان العربي عن هؤلاء، وأثبتها في كتاب، وصيَّرها علماً وصناعة، هم أهل الكوفة والبصرة فقط، من بين أمصار العرب[15].

ونقل ذلك أبو حيان في ((شرح التسهيل)) معترضاً به على ابن مالك حيث عني[16] في كتبه بنقل لغة لَخْمٍ وخزاعة وقضاعة، وغيرهم، وقال: ليس ذلك من عادة أئمة هذا الشأن[17].

ثم الاعتماد على ما رواه الثقاتُ عنهم بالأسانيد المعتبرة من نثرهم، ونظمهم وقد دُوِّنَتْ دواوينُ عن العرب الْعَرْباءِ كثيرة مشهورة، كـ((ديوان امريء القيس)) والطِّرِمَّاح وزهير وجرير والفرزدق وغيرهم[18].

هذه موارد الشواهد النحوية والصرفية عند البصريين الذين كانوا يتشددون في الأخذ والتحمل، ولا يقبلون كلام من اختلط بالحواضر.

ففي ((طبقات فحول الشعراء)) – 1: 12 –: (كان لأهل البصرة في العربية قُدْمَةٌ[19]، وبالنحو ولغات العَرَب والغريب عناية). انتهى.

أما الكوفيون فقد اعتمدوا على القبائل التي اعتمد عليها البصريون واعتمدوا على لغاتٍ أخرى أبى البصريون الاستشهاد بها، وهي لهجات سكان الأرياف الذين وثقوا بهم، كأعراب الحطمية الذين غَلَّطَ البصريون لغتهم ولَحَّنُوها، واتهموا الكسائي بأنه أفسد النحو، أو بأنه أفسد ما كان أخذ بالبصرة، إذ وثق بهم، وأخذ عنهم. واحْتُجَّ على سيبويه في المناظرة التي جرت بينهما بلغاتهم[20].

أما الشعر من كلام العرب فكان النحاةُ عامة ينظرون إليه بدقة وحذر ولا يعتمدون إلا على ما ثبت عندهم صحةُ نسبته إلى قائله، وفصاحته، وصدق راويه، والوثوق فيه، وخلوه من الضرورات، لذلك اشتدت عنايتهم بالرواية وأنواعها وطرقها، وبصفات الراوي، وما يجب عليه من الأمانة والصدق، ونحوها[21].

ويعتمد في تقرير أحكام اللفظ على أشعار الجاهلية، وهم قبل الإسلام كأمريء القيس وزهير والأعشى.

والمخضرمين، وهم الذين أدركوا الجاهلية والإسلام، كحسان ولبيد والإسلاميين، وهم الذين نشأوا في صدر الإسلام، كالفرزدق وذي الرمة.

وأما المولَّدون، ويقال لهم: المُحْدَثُون وهم من بعدهم إلى زماننا، وتبتديء طبقتهم ببشار بن برد المتوفى سنة 167هـ[22]، وأبي نواس، الحسن بن هانئ المتوفى سنة 198هـ[23]، فلا يحتجُّ بشيء من أشعارهم في أحكام اللسان.

فالطبقتان الأوْلَيَان يستشهد بشعرهما إجماعاً، وأما الثالثة فالصحيح صحة الاستشهاد بكلامها[24].

وكان بشار قد هجا الأخفش، فأورد الأخفش في كتبه شيئاً من شعره، ليكفَّ عنه[25].

وكذلك سيبويه استشهد بشيء من شعرِ بشار؛ تَقَرُّباً إليه، لأنه كان قد هجاه؛ لتركه الاحتجاج بشعره[26].

واستشهد أبو علي الفارسي في ((الإيضاح)): 102، ببيت أبي تمام الطائي، المتوفى سنة 231هـ، وهو قوله:



مَنْ كانَ مَرْعَى عَزْمِهِ وَهُمُومِهِ رَوْضُ الأماني لم يَزَلْ مَهْزُولا[27]
لأنَّ عَضُدَ الدولة كان يحبُّ هذا البيت، وينشده كثيراً، لا لأنَّ أبا تمام يستشهد بشعره[28].


وذهب بعض علماء العربية إلى صحة الاستشهاد بكلام من يوثَق به من المُحْدَثين.

وجَنَحَ إلى هذا المذهب الزمخشريُّ، فقد استشهد ببيتٍ لأبي تمام في أوائل سورة البقرة من ((الكشاف)) (43:1)، وقال: وهو وإن كان مُحْدَثاً لا يستشهد بشعره في اللغة، فهو من علماء العربية، فأَجْعَلُ ما يقولهُ بمنزلة ما يرويه، ألا ترى إلى قول العلماء: الدليل عليه بيتُ الحماسة، فيقتنعون بذلك؛ لوثوقهم بروايته وإتقانه.

ونحا هذا النحو الرَّضيُّ، فقد استشهد بشعر أبي تمَّام في عدة مواع من شرحه لـ((كافية ابن الحاجب))[29].

وجرى على هذا المذهب الشهابُ الخفاجيُّ فقال في ((شرح درة الغواص)): أجعل ما يقوله المتنبي بمنزلة ما يرويه[30].

وضُعِّفَ هذا المذهبُ من ناحية أن الرواية تعتمد على الضبط والعدالة. أما الثقةُ بصحة الكلام، أو فصاحتِه فمدارُها على مَنْ يتكلم بالعربية بمقتضى النشأة والفطرة.

وكيف يُحْتَجُّ بأقوال هاؤلاء المولَّدِيْنَ وقد وقعوا في أغلاط كثيرة، لا يستطيع أحدٌ تخريجها على وجه مقبول.

فإن ذُكِرَتْ أقوالهم على سبيل الاستئناس به، ولم تجعل دليلاً فلا بأس به.

ولا يُفْتَحُ بابُ الاحتجاج بأقوال المولَّدِيْنَ؛ كيلا يلزم الاستدلال بكل ما وقع في كلام المحدثين، كالحريري وأضرابه، والحجة فيما رووه، لا فيما رأوه، وقد خطَّأوا المتنبي وأبا تمام والبحتري في أشياء كثيرة، كما هو مسطور في شرح تلك الدواوين، ويرى ذلك بوضوح في كتب النحو والصرف.

وليس بسديد أن تُصَحِّحَ بعض الكَلِمِ أو الأساليب، استناداً على استعمالات العلماء في مصنفاتهم إن وردت مخالفة لأساليب العرب في عصور الاحتجاج، فلكل جَوَادٍ كَبْوَةٌ، ولكل صارمٍ نَبْوَةٌ.

فما يلفظ به رواة الشعر وعلماءُ العربية لا حجة فيه، إلاَّ أن تذكَره على وجه الاستئناس، وأنت مَاليء يدك بما هو حجة، أو منتظرٌ لأن تظفر بالحجة.

والفساد في اللغة أسرع إلى ألسنة أبناءِ العرب، ومَنْ نشأ في بيئتهم منذ وَصَلَتِ الفتوحُ الإسلامية العرب بالعجم.

وقد ظهر اللحن بجلاءٍ في أواخر عهد الدولة الأموية، وكان انقراضها سنة 132هـ[31].

أما سكان الجزيرة فإنهم ما برحوا على فصاحة اللغة إلى أواسط القرن الرابع.

وأما الخاصة من سكان المدن فبقوا على فصاحة اللهجة إلى أوائل عهد الدولة العباسية[32].

ونقل ثعلب عن الأصمعيِّ أنه قال: خُتم الشعر بإبراهيم بن هَرْمة، وهو آخر مَنْ يُحْتجُّ بشعرهم. وقد توفي في خلافة الرشيد سنة 176[33].

والذين نشأوا في بيئة عربية لم ينتشرْ فيها فسادُ اللغة انتشاراً يرفع الثقة بفصاحة لهجتها، يُوثَقُ بأقوالهم، ولو كانوا في القرن الثالث.

قال ابن جني في ((الخصائص)) – 2: 5 – (باب في ترك الأخذ عن أهل المَدَرِ كما أُخِذَ عن أهل الوَبَرِ) عِلَّةُ امتناع ذلك ما عَرَضَ للغاتِ الحاضرةِ وأهل المَدَرِ من الاختلال والفساد والخَطَل.

ولو عُلِمَ أن أهل[34] مدينةٍ باقون على فصاحتهم، ولم يعترضْ شَيْءٌ من الفساد للغتهم، لوجب الأخذ عنهم كما يؤخذ عن أهل الوبر.

وكذلك أيضاً لو فشا في أهل الوبر ما شاع في لغة أهل المَدَرِ من اضطراب الألسنة وخبالها، وانتقاضِ عادةِ الفصاحة وانتشارها، لوجب رفض لغتها، وترك تلقِّي ما تَرِد عنها. وعلى ذلك العملُ في وقتنا هذا؛ لأنا لا نكاد نرى بَدَوِيًّا فصيحاً. وإن نحن آنسنا منه فصاحة في كلامه، لم نكد نعدَم ما يُفْسِدُ ذلك ويقدح فيه، وينال ويَغُضُّ عنه.

والشافعيُّ المتوفى سنة 204هـ، نشأ في بيئة عربية، وهي مكة المكرمة وهو حجة في كلامه وعباراته، يصح الاستشهاد بما يستعمله من الألفاظ؛ لأنه يكتب ويتكلم بلغته على سجيته، ويتخير من لغات العرب ما شاء.

ولقد كان الشافعي فصيحَ اللسان، ناصعَ البيان، في الذروة العليا من البلاغة، تأدب بأدب البادية، وأخذ العلوم والمعارف عن أهل الحضر.

قال أحمد: (كلامُ الشافعيِّ حجةٌ في اللغة)[35].

وقال الأزهريُّ في ((إيضاح ما استشكل من مختصر المُزَنِيّ)): (ألفاظُ الإمام الشافعي عربية محضة، ومن عجمة المولدين مصونة)[36].

وقال المازني: (كلام الشافعي عندنا حجة في النحو).

وأخرج الحاكم عن الزعفراني قال: (ما رأيت الشافعيَّ لحن قط).

وقالوا: إن كلامَ مالك – رضي الله عنه – المتوفى سنة 179هـ حجةٌ ثبتُ به القواعد النحوية[37].

وإنني أعجب كل العجب من بعض النحاة الذين تَبَنَّوا الصدَّ عن الاحتجاج بكلام سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم، تعللاً بالرواية بالمعنى، ورواية العجم، مع أنَّ الدواعي متوفرة لنقل كلامه صلى الله عليه وسلم، والاعتناء به أكثر من جميع الخلق.

وليت شعري، مَنْ أَوْلَى من رسول الله صلى الله عليه وسلم بالاحتجاج بكلامه؟!

ومَنِ الشافعي ومَنْ مالكٌ – رحمهما الله – بالنسبة لحامل لواء الرسالة للعالَمِين؟![38]

فمهلاً مهلاً يا مفْتُون.


ولا يجوز الاحتجاج بشعرٍ أو نثر لا يُعْرف قائله، وعلة ذلك: الخوف من أن يكون لمولَّدٍ، أو مَنْ لا يوثق بفصاحته[39].


فإن روى الشعْر عربيٌّ ينطق بالعربيَّة بمقتضى السليقة فيحتجُّ به، وكان العرب ينشُد بعضُهم شعرَهُ للآخر، فيرويه عنه كما سمعه، أو يتصرف فيه على مقتضى لغته، ولهذا تكثُرُ الرواياتُ في بعض الأبيات، ويكون كلٌ منها صالحاً للاحتجاج، كما يُحْتَجُّ بالشعر الذي يرويه من يوثق به في اللغة، واشتهر بالضبط والإتقان وإن لم يُعْرَفْ قائِلُهُ. وقد تلقَّى علماءُ العربية شواهد كتاب ((سيبويه)) بالقبول، وفيها شواهد كثيرةٌ لم يعرف أسماء قائليها، فإنما يكون الردُّ وجيهاً إذا روى الشعر من لم يكن عربياً فصيحاً، ولم يشتهر بالضبط والإتقان فيما يسوقه من الشعر على أنه عربي فصيح[40].

ولا يَغِبْ عنك أنَّ ما نحنُ بصدده من موارِد العربية خاصٌّ بما يُسْتَشْهَدُ به في النحو والصرف واللغة.

أما ما يتعلق بالشواهد في المعاني والبيان والبديع فإنه يُسْتَشْهَدُ عليها بكلام الشعراء جميعاً، سواء أكانوا في عصر الاحتجاج أم في غيره.

وإليك ما قاله الأندلسيُّ في ((شرح بديعية ابن جابر)): (علوم الأدب ستة: اللغة، والصرف، والنحو، والمعاني، والبيان، والبديع، والثلاثة الأُوَلُ لا يُستشهد عليها إلا بكلام العرب، دون الثلاثة الأخيرة، فإنه يُستشهد فيها بكلام غيرهم من المولدين؛ لأنها راجعة إلى المعاني، ولا فرق في ذلك بين العرب وغيرهم؛ إذ هو أمر راجع إلى العقل، ولذلك قُبِلَ من أهل هذا الفن الاستشهاد بكلام البحتري وأبي تمام وأبي الطيب وهلُمَّ جرا)[41].

ويقول ابن جُني في ((الخصائص)) – 1: 24 – وقد استشهد ببيتٍ للمتنبي: "ولا تستنكر ذكر هذا الرجل – وإن كان مولَّداً – في أثناء ما نحن عليه من هذا الموضع وغموضه، ولطف متسرَّبه(؟)، فإنَّ المعاني يتناهبها المولَّدون كما يتناهبها المتقدمون. وقد كان أبو العباس[42] – وهو الكثير التعقب لجلَّةِ الناس – احتجَّ بشيء من شعر حبيب بن أوس الطائي في كتابه في الاشتقَاقَ، لما كان غرضه فيه معناه دون لفظه".

ويقول أيضاً في ((المحتسب)) – 1: 231 – وقد استشهد ببيتٍ للمتنبي: "ولا تقل ما يقوله من ضعفتْ نحيزته[43]، وركت طريقته: هذا شاعر مُحْدَثٌ، وبالأمس كان معنا، فكيف يجوز أن يحتج به في كتاب الله – جل وعز – ؟ فإن المعاني لا يرفعها تقدُّمٌ، ولا يُزْري بها تأخُّرٌ. فأما الألفاظ فلعمري أني هذا الموضع معتبر فيها، وأما المعاني ففائتة بأنفسها إلى مغرسها، وإذا جاز لأبي العباس أن يحتج بأبي تمام في اللغة كان الاحتجاج في المعاني بالمولَّد الآخر أشبه".


وسلام على المرسلين والحمدلله رب العالمين..




وللموضوع تتمة
yamatou
موضوع رائع بوركت
الاحتجاج في العربية: المحتج بهم – زمان الاحتجاج 4
الاحتجاج في العربية: المحتج بهم – زمان الاحتجاج 128711691410
مواضيع مماثلة

سجل دخولك أو أنشئ حسابا لترك رد

تحتاج إلى أن تكون عضوا من أجل ترك الرد.

انشئ حسابا

الانضمام إلى مجتمعنا من خلال إنشاء حساب جديد. من السهل


أنشئ حسابا جديد

تسجل دخول

هل لديك حساب بالفعل؟ لا توجد مشكلة، قم بتسجيل الدخول هنا.


تسجيل دخول