المواضيع الأخيرة
مثال للتداول
من طرف salma3li الثلاثاء سبتمبر 10, 2024 4:05 am

نصائح هامة للاستثمار في البورصة العراقية
من طرف salma3li الأحد سبتمبر 08, 2024 11:45 pm

إنشاء محفظة تداول
من طرف salma3li الجمعة سبتمبر 06, 2024 3:17 am

المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 10 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 10 زائر

لا أحد

[ مُعاينة اللائحة بأكملها ]


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 111 بتاريخ الخميس يناير 02, 2020 11:11 pm
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 213 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو عبدالرحيم فمرحباً به.

أعضاؤنا قدموا 2937 مساهمة في هذا المنتدى في 1884 موضوع

لونك المفضل


الملتقى العلمي للطلاب الجزائريين :: الأرشيف الاجتماعي :: Old4you :: الأرشيف العام :: قسم الفقه وأصوله

نظرات في مسيرة العمل الإسلامي » مواقف في مواجهة الهزيمة

Admin
( ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كُنتم مُؤمنين ) ( آل عمران: 139 )

في فترات التخلف والوهن يغيب الوعي الصحيح، وتنطفىء الفاعلية، وتتوقف القدرة على استيعاب الظروف وحسن التعامل معها، وتختلط الأمنيات بالإمكانيات، وتتراجع المبادىء ويتقدم الأشخاص، وتنقلب الأمة إلى مجموعة من الإقطاعات البشرية الحزبية أو الطائفية تختفي معها الوحدة الجامعة.. وتهتز المشروعية العليا والأهداف الكبرى التي يجب أن تلتزم بها الأمة وتعمل لها، ويصبح الماضي بالنسبة لكثير من الأفراد والجماعات هو المستقبل الذي يعيشون عليه ويقتاتون به، كما يصبح التاريخ الذي يجب أن تُستلهم حقائقه وتُستقرأ حوادثه لتحقيق الاعتبار وإغناء التصور بالرؤية الضروية التي تمكن من الإبصار والحكم على الأشياء المستجدة في ضوء السنن التي تحكم الحياة والأحياء ، والتي تملأ شواهدها صفحات التاريخ كأدلة عملية على نفاذ هذه السنن في مسيرة الحياة ، يصبح التاريخ مهرباً ومخدراً بدل أن يكون دليلاً ومرشداً.. وتدخل الأمة (مرحلة القصعة ) وتتداعى عليها الأمم ، وينقلب النظر إلى السيرة النبوية التي هي مجال للاقتداء والتأسي في السلم والحرب، والنصر والهزيمة، إلى ضرب من التغني والطرب والابتداع في المواسم والمناسبات (ذكرى المولد ـ الهجرة ـ الإسراء والمعراج.. ) وتبدأ سلسلة من الهزائم النفسية والعملية على مختلف الأصعدة..ولابد من الاعتراف ابتداء بأن الهزائم في هذ ه الفترات قد تكون لازمة من لوازم إعادة بناء الأمم للقضاء على ما يلحق بها من صور الرخاء ومظاهر الترف والسرف والرفاهية والفسق، وللتمرس على الظروف القاسية، والتدرب على الصبر والمعاناة، وإلغاء الصورة للوصول إلى القاعدة الاجتماعية الصلبة؛ وقد تكون الهزيمة أكثر لزوماً عندما تسود الأمة الأمراض الاجتماعية، ويحكمها الاستبداد السياسي، ويشتد فيها الظلم ويختفي العدل، وتغيب المساواة، ويفسق المرفهون، ويكثر الخبث فتأتي الهزيمة لتكون العقوبة الموجعة التي تنفذ بأسلحة الأعداء، إنها عقوبة مستحقة من الله، وتسليط للأعداء يقع على الأمة علَّها تستيقظ وتنتبه لمعالجة عللها، فيكون التمحيص وتكون التنشئة على الظروف القاسية، كما قدمنا، فتتبلور من خلال ذلك كله القيادة المبصرة القادرة على الاعتبار وتصويب المسار..

ولا شك أننا بهذا لا نتمنى لقاء العدو ومباركة الهزائم المتكررة في عالم المسلمين، وإنما نقصد إلى شحذ الهمم باتجاه استيعاب دروس الهزيمة وتحويلها من حالة سلبية تؤدي إلى التبعثر والضياع واختلاط الجهات واختلاف التوازن الاجتماعي إلى ضرب من الإيجابية يجدد شباب الأمة ويقضي على الجوانب الشائخة، ويحقق الاعتبار ويوصل إلى التحديد الدقيق للأسباب سواء في ذلك عوامل الإعداد والاستعداد المادي أو الشروط المعنوية اللازمة للنصر والحصانة النفسية التي تحول دون السقوط والإحباط والانكسار .. وكثيرون أولئك الذين كانت الهزيمة وكان الابتلاء نعمة بالنسبة لهم صححت مسارهم، وصوَّبت اتجاههم قبل فوات الأوان، وكانت مرحلة لتوبة الفكر والسلوك..

ومن الأمور التي يجب أن تكون واضحة في تصور المسلم أن ساحة المحنة والابتلاء والتمحيص لا تقتصر على الهزيمة دون النصر، بل لعل محنة النصر إنما تكون أشد وأعتى وأطغى أذا لم تترافق مع الوضوح الكامل لغاية الإنسان في هذه الحياة.. ويمكن إلى حد بعيد في هذه القضية أن نقول: إن معظم المسلمين اليوم تغلب عليهم النظرة النصفية فيعتقدون أن الابتلاء إنما يكون في الضراء والسلبيات وتسلط الأعداء، حتى كاد هذا يطبعهم بثقافة غالبة ويصبح مناخاً شاملاً ( ثقافة المحن وتسلط الأعداء ) يفكرون ويعدون المواجهات لمقاومة الضرَّاء والمطاردات السلبية ويجتمعون عليها وكأن السرَّاء ليست بمحنة، والله تعالى يقول ( الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً )

( الملك :2)، ويقول ( ونبلوكم بالشِّر والخيرِ فتنة ) ( الأنبياء:35).

والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (عجباً لأمر المؤمن، كل أمره له خير، إن أصابته سرَّاء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضرَّاء صبر فكان خيراً له ).

فالإصابة حاصلة في الخير والشر وكثيرون أولئك الذين يسقطون في محنة الخير عند الصدمة الأولى ، فلا معنى لاعتبار المحن محصورة في إطار الشر والهزيمة فقط، لذلك نرى أنه لا بد من نقل المواجهة الإسلامية والتربية الإسلامية لكامل ساحة الابتلاء في الهزيمة والنصر على سواء، وإعداد الأوعية الشرعية لهذه المواجهة في الخير والشرأيضاً، وإن كانت مساحة المحنة بالهزيمة أكبر وأبعد مدىً إلى درجة غابت معها مساحة المحنة بالنصر أو كادت تغيب عن حياة كثير من المسلمين في هذه السنوات العجاف.

ولعل الواقع الذي نعاني منه هو الذي يحملنا دائماً على الكلام عن الهزائم لأنها أصبحت وكأنها ضربة لازب على جيلنا، ولأننا لا نزال نعتبر السرَّاء ساحة بعيدة عن الامتحان، وقد تكون الإصابة فيها أكبر والفواجع أخطر، ويمكن أن نعتبر أن من أوائل الشروط لاستيعاب الهزيمة والاستفادة من درسها ومحاصرتها وعدم السماح بتكرارها ـ ولا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، ونحن ما نزال نلدغ مراراً ـ الاعتراف بالهزيمة بجرأة، وتحديد أبعادها، ودراسة أسبابها وتحديد المسؤولية عنها ومحاصرة آثارها.. ذلك أن عدم الاعتراف بالهزيمة، وقراءتها بأبجديات خاطئة، كما هو حاصل ، وسيادة فلسفات خاصة تجعل من الهزائم انتصارات لها بطولاتها وأبطالها، وممارسة التضليل الإعلامي إنما هو لون من تكريس الهزيمة والسماح باستمراها، ومساهمة سلبية في تحقيق أغراض العدو، وما أظن أحداً في تاريخنا الحديث على الأقل اعترف بهزيمته في الوقت المناسب لمعالجتها، وإنما نعترف بها بعد أن تتبدل الظروف ويفوت الأوان وتدخل في حيَّز التاريخ.. وإن اعترفنا ببعضها فيما بعد فإننا نُحملُ أسبابها جميعاً للأعداء ومكائدهم وقدراتهم، أما نحن فإننا دائماً على أعلى قدر من الكفاية والمقدرة!!

والأمر المعروف أن القيادات التي تفشل في معاركها إما أن تعتزل وتعتذر وتتحمل التبعة، ولا تُحَمَّلها العدو، صوناً للواقع النفسي للأمة من الانكسار، وإما أن تعجز عن المواجهة فتنتحر إذا كانت غير مسلمة لتبدأ عملية المراجعة وتحديد المسؤولية عن الهزيمة وتقييم الصور السابقة ..

أما في عالمنا العربي والإسلامي، فنحن دائماً منتصرون، دائماً نرفع شارات النصر ونقدس أبطاله إلى درجة نحجر معها على فضل الله تعالى بأن لا أبطال سوى هؤلاء ولا يمكن للزمن أن يجود بمثلهم..

والحقيقة أن الخيبة التي نعيشها اليوم دليل على وجود خلل في بنائنا العقيدي والفكري، وجنوح عن طريق الوحي الذي رسمه لنا، وعقوق لدروس وعبر السيرة النبوية الخالدة التي تشكل المنجم الثر والصورة العملية التطبيقية للحياة الإسلامية.. لقد حفلت السيرة بدروس النصر كما تضمنت دروس الهزيمة، والسيرة مجال للاقتداء والتأسي ليس في النصر فقط وإنما في معالجة الهزيمة أيضاً، ولعل الحاجة للاقتداء في الظروف القاسية واستلهام كيفية المعالجة تكون أكثر إلحاحاً .. وسف نعرض هنا لبعض الملامح من السيرة النبوية لحالات الهزيمة علَّها تذكر بأبعاد ضرورية للتأسي والاقتداء وتصويب المسار بعد أن كثرت الهزائم وقلَّ الاعتبار..

السنن الجارية.. والسنن الخارقة

من الحقائق الأولى لهذا الدين أنه يتعامل مع الإنسان بكل مكوناته الفطرية والنفسية ومدى قدرته واستطاعته على التعامل مع السنن الجارية التي شرعها الله تعالى للحياة والأحياء، وأن غاية التكليف الشرعي من بعض الوجوه يتمثل في قدرة الإنسا ن المسلم على فهم هذه السنن وحسن تسخيرها والتعامل معها، كما شرع الله، وعدم الارتطا م بها، فهذه قوانين الله وسننه الجارية في الحياة والأحياء التي جاء الأنبياء وأوقفوا الناس عليها ، وقدموا لهم نماذج من حياتهم عن كيفية التعامل معها، أما السنن الخارقة، فهي لون آخر من أقدار الله الغلاَّبة التي لا يد للإنسان فيها ولا اختيار له معها ولا يحاسب عليها، ولو أراد الله نصرة نبيه في كل معركة بسنة خارقة لنصره بلا شك، لكنها السنة الجارية التي تكمن في القدرة على التعامل معها كما شرع الله أمر التكليف؛ فالقضية تخضع لسنن جارية وحسن الاستفادة من الإمكانات المتوفرة والفرص المتاحة، ولا تتحقق بالأماني وأحلام اليقظة وانتظار المنقذ، قال تعالى: (ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سواءاً يُجزبه .. ) ( النساء: 123).

لذلك فالرسول صلى الله عليه وسلم انتصر بعد توفير الأسباب ليكون قدوة في النصر ، وهُزم المسلمون في بعض معاركهم بسبب وتقصير منهم ليكون الاقتداء أيضاً بكيفية التعامل مع الهزيمة والتصرف بعدها.. وتلك الأيام نداولها بين الناس..

ولعل أكبر الهزائم في تاريخ النبوة كانت معركة أُحد، زوالتي كان عنوان الهزيمة الكبير فيها والأسباب التي أدت إليها قوله تعالى بعد التساؤل الذي طرح: ( أولمًّا أصابتكم مُصيبةٌ قد أُصبتم مِثْليهْـا قُلتم أنى هذا قُل هُو من عندِ أنفسِكُمْ.. ) ( آل عمران: 165).

ولا نزال منذ أربعة عشر قرناً إلى الآن نتلو آيات آل عمران التي تبين الواقع النفسي والتصرف العملي لهزيمة أحد ليكون ذلك عبرة ودرساً نسقطه على واقعنا بمقدماته ونتائجه، ونحقق تعدية الرؤية القرآنية لتكون ضوءاً كاشفاً لحياتنا؛ والأمر المضحك أو المحزن حقاً أن يعتبر بعضنا نفسه فوق مرتبة النبوة والمساءلة ويعفي نفسه من الاعتراف بالتقصير ويلقي بالتبعة على الآخرين فإن خانه الدليل فعلى القدر، ولا يرضى الاعتراف بالهزيمة، الأمر الذي يشكل المرحلة الأولى والضرورية في المعالجة، حتى لقد تعودنا أن نقرأ عن هزائمنا وأسبابها ونتائجها في كتب أعدائنا إلى درجة أصبحت معها كتاباتهم ومعالجاتهم مصادر المعرفة لقضايانا، أو في كتب المنهزمين أنفسهم الذين يأخذهم الصلف فيجعلون من الهزائم انتصارات فيزداد التضليل ويعم الضلال، مع ملاحظة أن قضية في عالمنا الإسلامي يصدر عنها عشرات الكتب والدراسات في الغرب قبل أن تنتهي إلى درجة يمكن أن تتحكم هذ ه الدراسات بمسارها وتوجيهها، مع أن آيات القرآن الكريم نزلت على أرض هزيمة أحد تبين أسبابها، وتعالج آثارها، وترصد تصرفات أصحابها، وترافقها خطوة خطوة ، فأين نحن من تاريخنا، وأين نحن من عقيدتنا ؟!

ونحن لا نريد الآن أن نعرض لهزيمة أ حد بكلياتها وجزئياتها، فذلك موجود في مظانه من كتب السيرة والمغازي، وإنما هي مواقف مختارة في مجال التأسي والتأكيد على المنهج القرآني في دراسة أسباب الظاهرة وتحديد تلك الأسبا ب لتكون درساً مستقبلاً لمعالجة الآثار المترتبة على الهزيمة من الناحية النفسية والتربوية..

ويمكن أن نعتبر أن هزيمة أهل الحق أمام أهل الباطل من أشد أنواع الابتلاء، فالرسول المعصوم صلى الله عليه وسلم يسقط في الحفرة، فيشج رأسه وتكسر رباعيته، ويخضب الدم وجهه ويشاع قتله.. ويعلو الكفر، فتكون قولة أبي سفيان: أعل هبل . أي: انصر جماعتك وقومك؛ وتعم البلبلة الصفوف لدرجة يفقد بعضهم معها توازنه، فيقول: الحقوا بدينكم الأول.. إنه الامتحان الرهيب الرعيب لقضية الاستمساك بالحق والمتابعة على طريقه..

طبعاً يبقى العنوان العريض للهزيمة في كل هزيمة وإخفاق الذي وضعه القرآن والذي يجب أن لا يغيب عن المسلم: قال تعالى: (قُل هُو منْ عندِ أنفسكمْ ) ( آل عمران: 165) وتحت العنوان نلمح من مسيرة الغزوة بعض المعاني السريعة :

يمكن إلى حد بعيد أن نعتبر أن معركة أُحد جانب في المعركة المستمرة بين الإسلام وأعدائه وبالتالي فهي لا تنفصل عن بدر الكبرى، فبعد معركة بدر اختلف المسلمون في قسمة غنائم بدر حتى كادت تسوء أخلاقهم، وتفسد ذات بينهم، يقول عبادة بن الصامت:

اختلفنا في الغنائم حتى كادت تسوء أخلاقنا.. فكان أن ذكرهم الله تعالى بالشروط المعنوية للنصر وصفات الإيمان الحق بقوله: ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تُليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون .. ) إلى آخر صدر سورة الأنفال.

ثم كان الدرس العملي في أُحد حيث خالف الرماة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ونزلوا لجمع الغنائم برغم التأكيدات الكثيرة منه صلى الله عليه وسلم بعدم النزول ومغادرة المكان مهما كانت نتيجة المعركة، فجاء الدرس العملي القاسي من أول الطريق أن الجهاد في الإسلام للعقيدة وليس للغنمية، وأن مخالفة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ومقعه في الهلاك.. فهل ننسى حظوظ أنفسنا التي ما تزال تسلمنا من هزيمة إلى أخرى ونسترد الشروط المعنوية للنصر؟

الإلتزام بالمبدأ والفكرة

لسنا بحاجة إلى بيان أهمية حياة القائد واستمراره على أرض المعركة، كما أننا لسنا بحاجة إلى بيان حاجة المسلمين لرسول الله صلى الله عليه وسلم في أشد حالات المحنة والابتلاء، مرشداً ومعلماً وقائداً، مع ذلك لما أشيع موته، واضطربت الصفوف، وزلزلت النفوس، فكان شعارهم: الارتداد إلى الدين الأول، وثبت آخرون ليقاتلوا على ما قاتل عليه محمد صلى الله عليه وسلم؛ وكانت المحنة الشديدة إشاعة موت القائد فجاءت الحقيقة الخالدة لتوضح أن الإسلام حق وقيمٍومنهج وأفكار يلتزم بها الإنسان المسلم، ويمنحها ولاءه، وليس ارتباطاً بأشخاص يخطئون ويصيبون، يحيون ويموتون، ينتصرون وينهزمون.. إنها الحقيقة الخالدة التي تتجاوز حدود الزمان والمكان، إنه الإسلام، الرسالة الخاتمة، الذي انتقل بالبشرية من مرحلة الأشخاص إلى مرحلة الأفكار كحقيقة مجردة يلتزم بها المسلم، يجتمع عليها ويفترق عليها ويدور معها حيث دارت، فتضمن له ديمومة الفاعلية والاستمرار، وتحول بينه وبين الإحباطات التي يمكن أن يتعرض لها على الطريق الطويل، ذلك أ ن الصواب والبقاء للأفكار والخطأ والزوال للأشخاص، قال تعالى على أرض معركة أحد:

(وما محمد إلاّ رسولٌ قد خلت من قبله الرُسُلُ أفإن مات أو قُتل انقلبتم على أعقابكم ) ؟!

( آل عمران: 144) ( إننا سنقاتل على ما قاتل عليه محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ونموت على ما ماتوا عليه.. ) أي وضوح في المهج أكبر من هذا الوضوح، وبذلك تستوعب الهزيمة وتوظف لتنقلب إلى نصر ..

وعادة ما تتر ك الهزيمة آثاراً مريرة، وجراحات نفسية ومادية تحتاج إلى مواجهة صحيحة ومعالجة سليمة للحيلولة دون الإحباط والانكسار النفسي، خاصة في أشد المواقف حراجة؛ المسلمون بقيادة رسولهم صلى الله عليه وسل م يُهزمون، ويقف أبوسفيان ليعلن انتصار الصمية على الحق بقوله: أعل هبل، فيرد عمر بن الخطاب رضي الله عنه أما المسلمين بقولة: الله أعلى وأجل. فيقول أبوسفيان: يوم بيوم بدر والحرب سجال. فيرد عليه عمربقولة: لا سواء، قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار.. وينزل قوله تعالى. ( ولا تحسبنَّ الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقوق فرحين بما آتاهم الله من فضله.. ) (آل عمران: 169 ـ 170)،وقوله تعالى: (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ) (آل عمران: 139) فيعتصم المسلمون بالاستعلاء الإيماني الذي يشكل لهم التطعيم والحصانة النفسية ضد الهزيمة، ويتابعون المسير إلى حمراء الأسد رغم ما أصابهم من الجراح ليتعقبوا فلول الأعداء ويصدوا هجماتهم المتوقعة على المدنية المنورة. ويقول تعالى: ( الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح.. )

(آل عمران: 172) .

التربية المدانية على أرض المعركة

من المآسي الكبيرة على المعركة التي اعتصر لها قلب الرسول صلى الله عليه وسلم ألماًوحزناً: مأساة قتل ع مه حمزة رضي الله عنه، وما حدث من التمثيل به من هند بنت عتبة، فقال عليه الصلاة والسلام بعد أن رأى ذلك: (والله لأمثلن بثلاثين رجلاً منهم ). وهذا من طبيعة التأثر البشري، فينزل قوله تعالى: (ادْعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إنّ ربك هُو أعلم بمن ضل عن سبيله وهُو أعلم بالمهتدين. وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عُوقبتم به ولئن صبرتم لهو خيرُ للصابرين. واصبروا وما صبرك إلاَّ بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيقٍ ممَّا يمكرون. إن الله مع الذين اتقوا والذين هُم مُحْسِنُونَ ) (النحل 125 ـ 128).

إنه التدرج والتربية في المعالجة الذي بدأ من التماثل بين الجريمة والعقوبة، إلى الندب إلى الصبر وثوابه، إلى الأمر بالصبر والاحتساب.

ومن الإفرازات السلبية أيضاً ما أظهره يهود والمنافقون من الشماتة بالمسلمين، فقالوا: ما محمد إلا طالب ملك، ما أصيب هكذا نبي قط، أصيب في بدنه، وأصيب في أصحابه!! وجعل المنافقون يُخَذِّلُون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه ويأمرونهم بالتفوق عنه، ويقولون: لو كان من قُتل منكم عندنا ما قُتل.. وسمع عمر رضي الله عنه ذلك في أماكن، فمشى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستأذن في قَتْل من سمع ذلك منه من يهود والمنافقين، فقال عليه الصلاة والسلام:

(يا عمر، إن الله مظهر دينه، ومعزُّ نبيه، ولليهود ذمة فلا أقتلهم ) قال:فهؤلاء المنافقون. قال: أليس يُظهرون شهادة أن لا إله إلاّ الله، وإني رسول الله؟ قال: بلى يا رسول الله، وإنما يفعلون ذلك تعوذاً من السيف، فقد بان لنا أمرهم، وأبدى الله أضغانهم عند هذه النكبة؛ فقال:

نُهيب عن قتل من قال لا إله إلاّ الله وأن محمداً رسول الله، يا ابن الخطاب، إن قريشا ً لن ينالوا منًّا مثل هذا اليوم حتى نستلم الركن .

إنها النبوة وليست الملك، كما حددها العباس رضي الله عنه أثناء فتح مكة عندما دخلها الرسول صلى الله عليه وسلم منتصراً، ورأى أبو سفيان جموع الفاتحين وإسلام القبائل العربية، فقال للعباس: لقد أصبح ملك ابن أ خيك الغداة عظيماً؛ فقال له العباس: يا أبا سفيان، إنها النبوة.. فهل نعيد قراءة أهدافنا في هذه الحياة ووسائلنا في مواجهة مشكلاتنا وهزائمنا، فنعلم أنه السير على أقدام النبوة وليس السقوط في مناخ الجاهلية.
walid95
موضوع جميل جداا شكرا جزيلا لك في انتظار جديدك القادم
مواضيع مماثلة

سجل دخولك أو أنشئ حسابا لترك رد

تحتاج إلى أن تكون عضوا من أجل ترك الرد.

انشئ حسابا

الانضمام إلى مجتمعنا من خلال إنشاء حساب جديد. من السهل


أنشئ حسابا جديد

تسجل دخول

هل لديك حساب بالفعل؟ لا توجد مشكلة، قم بتسجيل الدخول هنا.


تسجيل دخول