أهمية القضاء
القضاء
لغة : الحكم بين الناس ، ويُجمع على أقضية ، ويطلق على إحكام الشيء
وإمضائه ، ومنه قوله تعالى : " وقضينا إلى بني إسرائيل " [ الإسراء 4 ] ،
ويطلق أيضاً على الفراغ من الشيء ، قال تعالى : " فوكزه موسى فقضى عليه " [
القصص 15 ] ، ويطلق على إتمام الشيء ، قال تعالى : " ليقضى أجل مسمى " [
الأنعام 60 ] .
والقضاء شرعاً : فصل الخصومات وقطع المنازعات ، وقال الخطيب الشربيني : هو الخصومة بين خصمين فأكثر بحكم الله تعالى .
ودليل مشروعيته الكتاب ، والسنة ، وإجماع الأمة ، وقد اجمع المسلمون على مشروعية نصب القضاء والحكم بين الناس [ هامش مراتب الإجماع لابن حزم 85 ] .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " المقصود من القضاء
، وصول الحقوق إلى أهلها، وقطع المخاصمة ، فوصول الحقوق هو المصلحة ،
وقطع المخاصمة إزالة المفسدة ، فالمقصود هو جلب تلك المصلحة ، وإزالة هذه
المفسدة ، ووصول الحقوق هو من العدل الذي تقوم به السماء والأرض ، وقطع
الخصومة هو من باب دفع الظلم والضرر ، وكلاهما ينقسم إلى إبقاء موجود ،
ودفع مفقود ، ففي وصول الحقوق إلى مستحقها ، يحفظ موجودها ، ويحصل
مقصودها، وفي الخصومة يقطع ، موجودها ويدفع مفقودها ، فإذا حصل الصلح زالت
الخصومة التي هي إحدى المقصودين " [ مجموع الفتاوى 35 / 355 ] .
إذن لا يشك أحد في أهمية القضاء
في كل زمان ومكان ، فهو كالملح للطعام ، لا سيما إن كان القضاة هم العلماء
، فلا غنى لبشر عنهم ، لأن العلماء ورثة الأنبياء ، والأنبياء قضاة
أقوامهم ، وحكماء دولهم ، بهم تزهو الشعوب ، وينتشر الخير ، ويعم الرخاء ،
وتزول المدلهمات ، وتنقشع الملمات ، فهم كالغيث أينما حل نفع .
قال صلى الله عليه وسلم : " لا يحل لثلاثة يكونون بفلاة من الأرض ، إلا أمَّروا عليهم أحدهم " [ أخرجه أحمد بإسناد صحيح ] .
وعند البزار بسند صحيح : " إذا كانوا ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم " .
في
ذلك دليل على أنه يشرع لكل عدد زاد عن الاثنين ، أن يؤمروا أحدهم ، منعاً
للخلاف الذي يؤدي إلى التلاف ، حتى لا يستبد كل إنسان برأيه ، فيهلك
الجميع ، لذلك شرع الشارع الحكيم القضاء
ووجود القضاة بين الناس ، وإذا كان ذلك بين العدد القليل في السفر ، فوجود
القضاة في الحضر مع تزايد أعداد السكان لهو أحرى وأوجب ، لأن الناس
يحتاجون لدفع التظالم ، وفصل التخاصم ، فلهذا يجب تنصيب الولاة والحكام
والقضاة للسيطرة على أمور الناس ، ومنع الظلم ، وإعطاء كل ذي حق حقه [ نيل
الأوطار 8 / 258 بتصرف ] .
إذ
لا يمكن أن تقام الحدود ، وتُدرأ الشبهات ، ولا يتم الحق والعدل ، إلا في
ضوء وجود القضاة ، الذين علموا كتاب الله تعالى ، وحفظوا سنة نبيه صلى الله
عليه وسلم ، وتعلموا العلم الشرعي المبني على الكتابين الوحيين .
ومع
تقدم الحضارة الزائفة ، وابتعاد كثير من الناس عن دينهم ، حتى أصبحت أسهل
المسائل الشرعية ، تمثل عقداً وإعياءً ، كان لابد من وجود القضاة ، الذين
يدينون لله عز وجل ، والذين يأتمرون بأمره ، دون محاباة لأحد ، لا من قريب
ولا من بعيد ، فالناس سواسية كأسنان المشط عندهم ، تعاملهم أيها القاضي كما
تحب أن يعاملوك ، ولا تنس أن فوق كل جبار ظالم ، حكم عدل ، يحب القسط
والمقسطين ، هو أعدل العادلين ، وأحكم الحاكمين ، حرم الظلم على نفسه ،
وجعل بين عباده محرماً
صفحة 1 من اصل 1
مواضيع مماثلة
سجل دخولك أو أنشئ حسابا لترك رد
تحتاج إلى أن تكون عضوا من أجل ترك الرد.