المواضيع الأخيرة
طريقة بيع الاسهم
من طرف salma3li الخميس مايو 16, 2024 4:19 am

توصيات الاسهم السعودية عبر الجوال
من طرف salma3li الخميس مايو 16, 2024 2:38 am

فتح محفظة أسهم
من طرف salma3li الأربعاء مايو 15, 2024 4:06 am

طرح أسهم حقوق أولوية الباحة لزيادة رأس المال
من طرف salma3li الأربعاء مايو 08, 2024 11:51 pm

المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 2 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 2 زائر

لا أحد

[ مُعاينة اللائحة بأكملها ]


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 111 بتاريخ الخميس يناير 02, 2020 11:11 pm
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 213 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو عبدالرحيم فمرحباً به.

أعضاؤنا قدموا 2912 مساهمة في هذا المنتدى في 1859 موضوع

لونك المفضل


الملتقى العلمي للطلاب الجزائريين :: الأرشيف الاجتماعي :: Old4you :: الأرشيف العام :: قسم الفقه وأصوله

نظرات في مسيرة العمل الإسلامي » المسلم ومسؤولية البلاغ المبين

Admin
(قل إني لن يجيرني من الله أحدٌ ولن أجد من دونه ملتحدا إلاّ بلاغا من الله ورسالاته )

(الجن: 22 ـ 23 )

لا شك أن قضية الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، وتخليص الناس من كل ألوان العبوديات، وإخراجهم من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، واستنقاذهم من حياة الضنك نتيجة إعراضهم عن منهج الله تعالى، وإلحاق الرحمة بهم، ووضع إصراهم والأغلال التي عليهم هي من أخص خصائص المسلم وأبرز مسؤولياته، وهي الأمانة التي قبل حملها عندما رضي بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً الذي كانت الغاية من إرساله، ومن رسالته: إلحاق الرحمة بالعالمين، قال تعالى:

(وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين ) (الأنبياء: 107)، فكانت مهمته الأولى البلاغ المبين:

(ما على الرسول إلا البلاغ .. ) (المائدة:99).

(وما على الرسول إلاّ البلاغ المبين ) (النور:54).

العكوف على تربية الذات

لذلك يبقى الأمر المطروح دائماً على المسلم الذي يسير على قدم النبوة أن يبدأ بتنمية نفسه وتزكيتها بالإسلام ليكون على مستوى خطاب التكليف، قال تعالى:

(قد أفلح من زكاها وقد خاب من دسَّاها ) (الشمس: 10).

وأن يطور وسائله في الدعوة إلى الله ليكون في مستوى المهمة التي يتطلبها إسلامه وعصره على حد سواء قال تعالى:

(ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين ) (النحل: 125)، وقال:

(ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليٌ حميم )(فصلت:34)..

فالمسلم مطالب دائماً أن يمارس عملية العكوف على الذات لتربيتها على أمر الله، وأخذها بشرع الله، ولا نعني بذلك ضرباً من السلبية والهروب من الحياة، وفقدان التوازن الاجتماعي وذلك بالانسحاب من المجتمع، والانقطاع إلى الرياضات الروحية في الكهوف والجبال، وممارسة الزهد الأعجمي بترك التعامل مع الحياة، وإنما نرى أن ميدان تربية الذات وتزكيتها أكبر من ذلك بكثير، إنه الحياة بكل ما فيها من جوانب الخير والشر؛ إنها التربية الميدانية التي لا تتم إلا من خلال الممارسة والمعيشة الاجتماعية، والمعاناة اليومية والتحديات المحيطة، واستشعار هذه التحديات، وعدم الذوبان والسقوط أمامها، وإنما الصلابة والاستيعاب وحسن المواجهة، وإن اختلفت فيها مساحة الكر والفر حسب الظروف ومقتضى الحال، ذلك أن التربية الذاتية، أو العكوف على تربية الذات بهذا المعنى هو الذي تفرد به الإسلام عن سائر الأديان، بزهدها ورهبانيتها، وسلبياتها..

البلاغ المبين.. من أبرز خصائص التربية الميدانية

وقد يكون من أبرز خصائص التربية الميدانية التي أشرنا إليها، ومن أولى ثمراتها: عملية البلاغ المبين المهمة التي ابتعث من أجلها الرسول صلى الله عليه وسلم قال تعالى: (وإن تولوا فإنما عليك البلاغ ) (آل عمران:20)، (فإنما عليك البلاغ ) (الرعد:40)، (وما على الرسول إلا البلاغ المبين ) (العنكبوت: 18) إلى آخر هذه الآيات الكثيرة، والكثيرة جداً، التي تحصر مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم، بل رسل الله جميعاً عليهم الصلاة والسلام بإبلاغ الناس شريعة الله، وحمل البشارة إليهم إن هم استقاموا على الطريقة..

ولما كان الرسول صلى الله عليه وسلم محل الأسوة والقدوة بالنسبة للمسلم، فإن مهمة المسلم في هذا العصر، كل عصر، تتحدد بقدرته على تحمل الإسلام وتربية نفسه عليه وأخذها به، وعلى الأداء وذلك بالقيام بعملية البلاغ المبين، فهي حياته في الدنيا ونجاته في الآخرة:

(قل إني لن يُجيرني من الله أحد ولن أجد من من دونه ملتحداً إلاً بلاغاً من الله ورسالاته ، ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا ً)(الجن:22 ـ23).

إن فهم عملية البلاغ وإدراك أبعادها، والصبر عليها، والحكمة في أدائها، والقدرة على إبصار وإنضاج وسائلها وما يمكن أن يترتب عليها من مسؤوليات وتكاليف قضية على غاية من الأهمية، إنه الإدراك للقضية الإسلامية عامة، والقدرة على القيام بالمسؤوليات وأداء الأمانة للخروج من عهدة التكليف.. وقد يسارع بعضهم هنا، وبفهم مبتسر، إلى الظن بأننا بدعوتنا إلى إدراك أبعاد عملية البلاغ، وامتلاك وسائلها، وتحصيل الحكمة في ممارستها إنما ندعو إلى إيثار الراحة وركوب المركب الهين السهل، والهروب من تكاليف الدعوة إلى الله ومسؤولياتها وما يمكن أن يترتب عليها من تضحيات، أو يعتبر ذلك رد فعل لواقع معين أو لاجتهاد معين، ولا يستطيع أن يتجاوز فهمه هو للإسلام الذي اختاره وانتهى إليه حتى أصبح المقياس الذي تقاس به فهوم الناس جميعاً والحقيقة التي يجب أن تكون واضحة ابتداء: أن عملية البلاغ هي مهمة الأنبياء، من لدن آدم إلى محمد عليه الصلاة والسلام، وأن التضحيات والمسؤوليات التي تحملها الأنبياء ومن يسيرون على طريقهم نتيجة لذلك دليل على أنه الطريق الصحيح والمركب المأمون إلى الآخرة.. وأن الهروب منها أو العدول عنها وعدم القدرة على الصبر عليها بدعوى اختصار الطريق، أو تسريع السير، أو الحصول على وفرة في النتائج هو في حقيقته: العدول عن الطريق الصحيح والقفز من فوق سنن الله، وعدم القدرة على التعامل معها، وعدم الطاقة على الالتزام بها، والهروب منها والانخداع بالفجر الكاذب..

إن قضية الإيمان بالله ونبذ العبوديات، ومن ثم القيام بعملية البلاغ المبين قد تكلف صاحبها حياته، بسبب من شراسة الذين استحوذ عليهم الشيطان فأضل أعمالهم فينقموا من المؤمن الداعي إلى الله لا لشيء وإنما لإيمانه، قال تعالى: (وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد ) (البروج:8)، (الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلاّ أن يقولوا ربنا الله ) ( الحج:40).

قال صلى الله عليه وسلم: (إن من أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر ) وقال: (سيد الشهداء حمزة ثم رجل قام إلى إمام ظالم فأمره ونهاه فقتله ) أمره ونهاه: بلّغه الحق ونهاه عن الباطل، قام بعملية البلاغ التي كلفه الله بها ولم يتجاوزها فكان مصيره القتل..

الإعلام من أقوى الأسلحة المعاصرة

إن عملية البلاغ والقيام بمهمة الأنبياء ليست من السهولة بالقدر الذي يتراءى لبعض الناس، خاصة في هذا الوقت الذي أصبح فيه الإعلام أقوى الأسلحة التي تمتلكها الدول وتحرص عليها وتتسابق في ميدانها، والتي يمكن أن تكون أشد فتكاً من أسلحة الدمار والتدمير كافة، ذلك أن الإعلام لم يكتف بعمليات التضليل وقلب الحقائق إلى أباطيل وإنما تجاوز ذلك إلى مرحلة زرع الاهتمامات وإعادة صياغة الإنسان.

لقد أًصبح فناً خطيراً، وظَّف الكثير من العلوم لخدمته، سواء في ذلك العلوم والدراسات الإنسانية كعلم النفس وعلم الاجتماع أو العلوم والدراسات التجريبية ، حيث أصبحت التكنولوجيا كلها في خدمته تقريباً.. ونحن لا نزال نرى عملية البلاغ المبين بوسائلها البسيطة والساذجة، وأنها من الأمور السهلة التي لا يميل إليها إلاّ من يؤثرون الراحة ويفرون من المسؤولية والتضحية.. وقد يفهمها بعض المسلمين فهماً ساذجاً بسيطاً لا تزيد أبعاده عن ارتداء لباس معين، والخروج والنوم في العراء، في هذا العصر الإعلامي المعقد!!

فإذا عرفنا أن علم النفس وعلم الاجتماع وغيرهما من العلوم جاءت تاريخياً ثمرة لعمليات التنصير، حيث كان لا بد للمنصّرين من المعرفة المسبقة بعادات ونفسيات الأمم التي يمارسون عليها التنصير، وعرفنا الخلفية الحقيقية لعمليات الاستشراق التي كانت تدرس مكونات الشعوب وثقافتها وعقائدها وتراثها ومسارها الحضاري، ذلك أن المستشرقين ينتجون المواد والمنصَّرون يُسوِّقونها ويمارسون عملهم على أساسها، وحسبنا أن نقول: إن كثيراً من دراساتهم لا تزال إلى الآن مرجعاً لكثير من باحثينا لفقر المكتبة الإسلامية إلى أبحاث ناضجة في هذا المجال، ومع ذلك لا نزال نعتقد أن عملية البلاغ التي ابتعث من أجلها الرسل عليهم الصلاة والسلام عملية بسيطة.. وكثير منا لا يقدر عليها ويحاول القفز من فوق السنن، ويظن أن عملية التغلب على الخصم إنما تتم بشدخ رأسه والقضاء عليه، بينما النبوة والدنيا من حولنا تمارس تغييره من الداخل..

أين يمكننا أن نصنف صورة وواقع عملية البلاغ اليوم التي ابتعث من أجلها الرسل، وأنيطت بمن يسيرون على دربهم من المسلمين، من صورة الإعلام العالمي بكل طاغوته وطغيانه والمراحل التي قطعها صوب الإنسان حتى أوقعه في أسره، والوسائل المتخلفة التي نمارسها نحن المسلمين، ويحلو لبعضنا أن يطلق عليها تسمية ( الإعلام الإسلامي ) وكأن هذه الصور الهزيلة والبدائية المتخلفة هي الإعلام الإسلامي والبلاغ المبين التي أرادها الله للسائرين على طريقه!! وقد تكون الخطوة كبيرة والآثار خطيرة أن نأتي لصور من تخلَّفنا ونفضِّل عليها أثواباً ونرفع فوقها عناوين وشعارات لتصبح هي الإسلام!!

والحقيقة أننا لا نزال دون سوية خطاب التكليف في قضية البلاغ المبين التي مضى على التكليف بها أربعة عشرة قرناً، وتخلفنا فيها لا يغتفر، وأن الكثير منا عدل عنها، أو هوّن من شأنها ظناً منه بإمكانه القفز من فوقها..

حسن اختيار الوسيلة

ما هي وسيلة الدعوة (التي هي أحسن ) والتي تعبدنا الله تعالى بالاستمساك بها لتؤدي عملية البلاغ المبين آثارها التغييرية، قال تعالى:

( ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ) (فصلت: 34)، إنه بحسن اختيارنا للوسيلة المناسبة، وحسن استعمالنا لها نغيره من الداخل، فبعد أن كان عدواً لدوداً فإذا به صديق مناصر ودود.. إنه التغيير من الداخل الذي يمارسه الإعلام علينا صباح مساء، فيرسم في أذهاننا الصورة التي يختارها، ويصنع لنا الاهتمامات التي يريدها، ويأخذنا إلى المواقع التي يحددها، ونسلب كل قدرة على المواجهة بالمثل إلاّ قدرة التبعية والتلقي..

لقد شوّه الإعلام صورة المسلم اليوم، وشكك بدعوة المسلم اليوم، واستطاع أن يلتقط من واقع المسلمين صوراً مشوهة قدمها على أنها هي الإسلام، وأن هؤلاء هم دعاة الإسلام ليخدم أغراضة ويدلل عليها.. أليس من العجيب، بعد أربعة عشر قرناً، أن تكون وكالات الأنباء العالمية التي أصبحت تمتلك الاختصاص في صياغة الخبر وأدائه، وتأخذ برقاب العباد وتتصرف بمقدراتهم، جميعاً صهيونية أو صليبية، أو شيوعية، وليس للإسلام والمسلمون فيها نصيب ؟!

ونحن إزاء ذلك مصابون بالعجز، ليس عن إبلاغ دعوتنا ونشرها وإيصالها للناس، وقد تجاوز العجز ذلك إلى عدم القدرة على تقديم الحماية لصورتنا الإسلامية الصحيحة.. ولا يعوزنا المال في العالم الإسلامي ولكننا بحاجة إلى الإنسان المستشعر للمسؤولية.

أين هي الحكمة التي افتقدناها في عملية البلاغ والدعوة التي أمرنا الله بها بقوله( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ) (النحل: 125) ؟

أين هي الحكمة ضالة المؤمن وهاجسه الدائم ليكون في مستوى إسلامه وعصره، والتي قرنها تعالى بالكتاب ـ القرآن ـ لضرورتها وأهميتها ؟! فإذا افتقدناها فقد أقمنا الجدران النفسية بين الناس وبين الكتاب، قال تعالى: (وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة ) (النساء:113)، حتى إن بعض المفسرين يرى أن الحكمة تعني السنة، وقد يكون الحق في هذا ولا ضير، فمن أقدر من الرسول القدوة صلى الله عليه وسلم على وضع الأمور بمواضعها، ووزنها بموازينها، وهو المسدد من ربه (ومن يُؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيرا ً) (البقرة:269).

والحكمة أهلية رفيعة المستوى، ومنحة من الله لأهل التقوى من خاصة خلقه، يمكن أن تتحقق بالاكتساب من النظر والتدبر في كتاب الله تعالى والالتزام بسنة رسوله وطريقته في البيان، إنه الرسول الذي أمر أن يخاطب الناس على قدر عقولهم، وأخذ الناس بأحكام التشريع شيئاً فشيئاً، حتى إن القرآن الكريم استمر نزوله ثلاثة وعشرين عاماً، ولا يخفى ما في هذا التدرج من الجوانب التربوية، ومكث الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة ثلاثة عشر عاماً يدعو إلى الله ويبلغ الناس أمر ربه، ويسلك لذلك كل مسلك حتى تستبين صورة الإسلام والدعوة الجديدة، وكان في مكة يومها (360 ) صنماً تقريباً تعبد من دون الله، وتملأ على الناس حياتهم ودروبهم، وما كان شيء أبغض للرسول صلى الله عليه وسلم من اللات والعزى، ومع ذلك لم يتعرض لهذه الأصنام طليلة فترة الدعوة في مكة، إلا أنه بعد مرحلة الدولة ـ بعد فتح مكة ـ لم يقبل بها لحظة واحدة، بل كان أول عمل قام به: كنس الأصنام من البيت الحرام..

إنها الحكمة في عملية إبلاغ دعوة الله تعالى والأخذ بيد الناس إلى الخير، فهو الرحمة المهداة، انظر الحكمة في قوله لعائشة رضي الله عنها: ( لولا أن قومك حديثو عهد بالإسلام لهدمت الكعبة وأقمتها على قواعد إبراهيم عليه السلام ) !!

الإرهاب الفكري والتغيير

إن عمليات التغيير لا يمكن أن تتم بجو يسوده الإرهاب الفكري والتعصب الديني، وتسرب علل الأديان السابقة إلى الإسلام والمسلمين، وقد بين الله ذلك لرسوله المعصوم ليكون تحذيراً للمسلمين بقوله: (فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر )

(الغاشية: 21 ـ22 )، وقوله: (أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ) (يونس:99)،

وقوله: (فذكر بالقرآن من يخاف وعيد ) (ق:45 )، وقوله تعالى للمؤمنين:

(يأيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضَلَّ إذا اهتديتم ) (المائدة: 105) طبعاً بعد القيام بعملية البلاغ كما يفيد سبب النزول، وكما بين أبوبكر الصديق رضي الله تعالى عنه..

من هنا كان الصحابة رضوان الله عليهم ثمرات لهذه الحكمة، يقول علي رضي الله عنه: (خاطبوا الناس على قدر عقولهم، أتحبون أن يُكذب الله ورسوله ؟! ) ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه بعد أن أطال الصلاة: (أفتَّان أنت يا معاذ ؟! ).

فالإسلام دين الفطرة، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، ولذلك شرعت الرخصة في السفر والمرض.. إن العقيدة مقرها القلب، ولا سلطان لأحد عليه إلا سلطان الحق والدليل، والإحسان الذي كتبه الله في كل شيء، وحسن التعامل معه.. فلا مجال في الإسلام لصور الإرهاب الديني والفكري التي مارسها أصحاب الأديان السابقة، والتي يمارسها بعض الناس باسم الإسلام.

وقد يكون من صور الفشل في عملية البلاغ المبين بدؤها ببيان صورة الإسلام العقابي، والذي نريد له أن يكون واضحاً أن العقوبات في الإسلام لا تقيم مجتمعاً إسلامياً وإنما تحمي المجتمع الإسلامي من الشذوذ والانحراف، والحروب في الإسلام لا تقيم دولة إسلامية، وإنما تحمي الحدود من الاعتداء، وتزيح الطواغيت من طريق عملية البلاغ المبين، وتهيئ المناخ السليم لانتشار الدعوة وإبلاغها إلى الناس..

تحديد الموقع الفاعل

إن لجوء المعلم في العملية التربوية لسلم العقوبات ـ مع تناسي أن العملية التعليمية والتربوية قائمة على الحوافز والمكافآت، وأن مشروعية العقوبات إنما تكون لحماية العملية التربوية التعليمية ـ عجز وفشل تربوي وعدم إدراك لأصل المهمة.. لذلك لا بد من تغيير صورة المسلم الداعية التي رسمها أعداء الإسلام في أذهان الناس على شكل معين، ذلك أن التضليل الإعلامي ترك الناس ضحايا القلق مما يعرفون عن الإسلام والمسلمين، وما يقدم لهم من صور ساهمنا بتقديمها لخصومنا، كما أسلفنا ـ وقد يكون ذلك عن إخلاص وحسن نية، بعيداً عن الإدراك والصواب.

والحقيقة التي لا مفر من الاعتراف بها أن الخطأ القاتل الذي ابتلينا به في هذا العصر هو العجز عن التحديد بدقة لموقع العمل الإسلامي والدعوة إلى الله الذي يمكننا معه أن نمتلك الفاعلية والتأثير، والخلط المخزن بين الأمنيات والإمكانات من خلال صورة المجتمع، وذلك لانعدام الرؤية الدقيقة لسلم المشكلات والاستسلام لأحلام اليقظة.. إن إعادة النظر من حين لآخر بسلم المشكلات وإعادة تصنيف هذه المشكلات وترتيب الأولويات حماية للجهد، واغتنام لفرصة العمر وتوفر الطاقات، والموازنة الدقيقة بين الحاجات والإمكانات، وإعادة النظر بالموقع الذي يمكن أن يكون فيه الفرد المسلم والعاملون للإسلام، وإعادة النظر أيضاً بوسائل الدعوة وتطويرها حسب حاجات العصر، ومن خلال مشكلاته، وعدم القفز من فوق السنن والنكوص في عملية البلاغ، وإهمال شرائط النهوض بها ووسائل الإبانة عنها التي هي وظيفة المسلم الرئيسة، وقضيته المحورية، والتقدم في قضية الدعوة (البلاغ المبين ) واكتشاف المنابر المؤثرة والمواقع الجديدة التي أخذت مكاناً في المجتمع الحديث، واعتلاء هذه المنابر العلمية والثقافية عن جدارة واختصاص، وجعل الاختصاص في خدمة العقيدة، والقدرة على الإبصار ودراسة شبكة العلاقات الاجتماعية، والاقتناع بأن التفوق العلمي والتخصص النادر الذي يتحصن صاحبه بالدين القويم هو المطلوب لهذه الأمة لحل معضلة انفصال العلم عن الدين التي عانى منها الجيل الماضي.. أصبح قضية الحياة بالنسبة لمسلم اليوم، فلا مجال للسذج والبسطاء في عالم الأذكياء..

والأمر الذي لا بد للتنبيه عليه هنا أننا بدعوتنا إلى تحديد موقع العمل الإسلامي من خلال الإمكانات المتاحة والظروف المحيطة لا يعني بحال من الأحوال عملية تقطيع للإسلام ووقوع في النظرة الجزئية التي تؤدي إلى النمو غير الطبيعي في بعض أطراف الجسم الإسلامي، وإنما الذي نريد له أن يكون واضحاً هو أننا ونحن نعيش الإسلام في الموقع المتاح لنؤدي مسؤوليتنا كاملة لا نعدم القدرة على إبصار الساحة الكاملة التي يجب أن يملأها الإسلام، وأن يرتادها العاملون والدعاة إلى الله، وتبقى العملية المطلوبة أنه عند عدم القدرة على الحمل الثقيل نقوم بعملية التجزيء والتقسيم على مراحل وبالتدريج، والمهم أن تكون الخطوة التي نملكها في طريق الصواب، ولا يكلف الله نفساً إلاّ وسعها..

نعود إلى التذكير بأن المهمة الأصلية بالنسبة للدعاة هي البلاغ المبين، فهو حياتهم في الدنيا، وهاجسهم الدائم، وهو نجاتهم في الآخرة، ولا نجاة بدونه، وأن ديدن المسلم هداية الخلق وعدم الحقد عليهم، وشعاره قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (عسى أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله ولا يشرك به شيئاً ).

لا بد من إعادة النظر بوسائلنا في الدعوة إلى الله.. وإعادة المسلم إلى صورته الحقيقية التي جاء بها الإسلام، وتقديم الدليل على أن الإسلام دين الرحمة والحب للإنسان، وليس هو الإسلام الذي صنعت صورته المخيفة وسائل الإعلام المعادية..
walid95
موضوع جميل جداا شكرا جزيلا لك في انتظار جديدك القادم
مواضيع مماثلة

سجل دخولك أو أنشئ حسابا لترك رد

تحتاج إلى أن تكون عضوا من أجل ترك الرد.

انشئ حسابا

الانضمام إلى مجتمعنا من خلال إنشاء حساب جديد. من السهل


أنشئ حسابا جديد

تسجل دخول

هل لديك حساب بالفعل؟ لا توجد مشكلة، قم بتسجيل الدخول هنا.


تسجيل دخول