الملتقى العلمي للطلاب الجزائريين :: الأرشيف الاجتماعي :: Old4you :: الأرشيف العام :: قسم الفقه وأصوله
نظرات في مسيرة العمل الإسلامي » حتى لا نهزم حضارياً
(ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كُنتم مؤمنين ) ( آل عمران: 139 )
الموضوع الذي نريد أن نعرض له ليس أمراً منقطعاً عما سبق من المعالجات في إطاتر ما أسميناه ( المشكلة الثقافية ) التي نعاني من آثارها على كل المستويات، بل لعله في صميم القضية التي نتحدث عنها، وإن كان يشكل الوجه الآخر لها، وقد يكون الأكبر بروزاً وإلحاحاً الآن.
وكان مما ألمحنا إليه في أكثر من مناسبة: أن العالم الإسلامي على الرغم من الكوارث والنكبات والنكسات التي حلت به تاريخياً، وما رافقها من وسائل التدمير والهمجية، بقي قارداً على الاحتفاظ بانتماء للإسلام، موقناً بأنه الطريق الوحيد للوصول إلى تحقيق الأهداف ومواجهة الاحتلال على كل الأصعدة على الصمود والمواجهة العسكرية؛ وكان هذا الانتماء دائماً مرتكز القادة والمفكرين والمصلحين ودعاة التجديد وحاملي لواء التحرير، وما أن عاد الإسلام للأمة، أو عادت للإسلا م بفاعلية والتزام حتى كان درعها الواقية، وحربتها النافذة، واستطاعت به أن تقف أمام العسكر المغولي والغزو الصليبيـ الذي كان قادراً على أن يهزمها عسكرياً ويحتل أرضها ـ لكنه ظلَّ عاجزاً عن أن يُلحق بها الانتكاسة النفسية والهزيمة الحضارية، وكثيرة هي البلاد الإسلامية التي هُزمت سياسياً، واحتُلت عسكرياً، وبقي لها الإسلام علماً وحضارة وثقافة وانتماء، الأمر الذي مكن لها من الصمود، وأعانها على النهوض والمواجهة من جديد.
وكانت هذه القضية موضع دراسة وتفكير وتحليل لاكتشاف مكامن القوة الحقيقية التي ترتكز عليها الأمة الإسلامية، وكان لا بد من إيجاد وسائل جديدة باستمرار بعد استبانة خطأ وعجز كل الوسائل السابقة، ولقد اعترف كثير من المفكرين والباحثين في مكونات الأمم، وأسباب نهوضها وسقوطها، والقوانين التي تنتظم الدورات الحضارية، أن حساباتهم لم تنطبق على الإسلام كدين له ثقافته وحضارته، والمسلمين كأمة تنتمي له سواء التزمت به، أو ضعف التزامها به، ولا يزال هذا الأمر محيراً، والحسابات له تفاجأ بكثير من الخطأ، ابتداءً من العصر الأول، وإنتهاءً بالواقع الحالي..
فعمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي ذهب غاضباً لقتل أخته وصهره اللذين أسلما، عاد من رحلته مسلماً، أعز الله به الإسلام، وتحدى الشرك والمشركين ..
طرائق جديدة للقضاء على الالتزام بالإسلام
وكثيرة هي البلاد الإسلامية التي فُرضت عليها ( أيديولوجيات ) معينة بقوة السلاح، وتوهم أصحابها أنها استجابت لها عندما رأوها ساكتة لحماية نفسها من البطش والحصول على لقمة العيش، ثم ما لبثت أن عادت لإسلامها عند أول فرصة سنحت.. وليست حركة اليقظة الإسلامية التي انبعثت في العصر الحديث ـ بعد إسقاط الخلافة، وإيجاد البدائل الفكرية، والظن بأن القضية الإسلامية ذهبت إلى غير رجعة ـ إلا الشاهد الجديد على أن الحسابات المضية عن عالم المسلمين أخطأت كلها، وباتت عاجزة عن الوصول إلى النتائج المرجوة، فكان لا بد من وسائل جديدة تقتضي على الالتزام بالإسلام والانتماء له معاً، وذلك بإعداد جيل عاق للإسلام ثمرة للمدرسة الاستعمارية، وضحية للغزو الفكري..
ونستطيع أن نقول: إن القضية الفلسطينية بكل تطوراتها، وصورها، وآثارها المختلفة، وطروحاتها الكثيرة، والتحولات الكبرى التي حكمت مساراتها هي: الساحة الأحداث التي انتهى إليها الاستعمار، وصب فيها كل تجاربه وخبراته التاريخية ووسائله المختلفة، وتحدياته المتعددة، ولا شك أن هذه الساحة، تمكن لناـ لو كنا على مستوى قضايانا ـ أن نستقريء صورة أعدائنا، ونتبين وسائلهم، ونحدد مواقعهم، وندرك أهدافهم..
وقد يكون صحيحاً إلى حد بعيد ـ ونحن نعاني اليوم في كثير من قطاعات الحياة من فقدان الانتماء للإسلام والالتزام به، ونعيش مرحلة الضياع والتمزق والتخلف ـ قد يكون صحيحاً أن الإنسان في مراحل التخلف، ومناخ التخلف، يصبح عاجزاً عن الإبصار والاعتبار؛ ولكن المحقق أيضاً أن التحدي الثقافي والحضاري، والانكسار العسكري يوقظ الحس، ويلهب المشاعر، ويذكي الروح، ويعيد الانتماء، ويدفع إلى الالتزام، ويجمع الطاقات النفسية والمادية لتبدأ عملية الإقلاع من جديد.
إن القضية الفلسطينية بكل أبعادها ما تزال هي القضية المركزية للأمة العربية الإسلامية على مدى نصف قرن من الزمان، ولعلها تعتبر من التحولات الكبرى في تاريخ المسلمين الحديث بعد إسقاط الخلافة، إن لم تكن لها، ذلك أن الكثير من المعاني التي حكمت ( المسألة الشرقية ) وتحكمت بها تكاد تكون هي العوامل نفسها التي تحكم قضية (الشرق الأوسط ) وتتحكم فيها، مع بعض التصرف بالأسماء والمسميات، الأمر الذي لا بد منه للقضية نفسها.
ولقد كثرت القراءات والدراسات والتعليلات والتقويمات لهذه القضية الخطيرة، وسادت شعارات للتحرير، وبادت شعارات أخرى، ولعل كثيرين ممن يمتلكون القراءة الصحيحة والصادقة للصورة لم يدلوا بآرائهم، واكتفوا بالقراءة الصامتة، لأن صوتهم غير مسموع، أو لأنه لا يسمح لهم برفع أصواتهم، فقد أسكتها يهود بشكل أو بآخر.. حتى أصبحت القضية تشبه إلى حد بعيد المرض المتواضع المزمن الذي تتعدد معه الأدوية والتجارب التي تتأتي ثمرة لليأس، ولا تكون على بصيرة..
والعالم العربي الإسلامي يعيش الآن أكثر من أي وقت مضى فترة التلاوم على الإفراط من بعض من تصدوا لحل القضية والتفريط من بعضهم الآخر، وإسرائيل تخضع كل القضايا للدراسات والاختبار والتحليل، والتعرف على واقع المنطقة وثقافاتها وإمكاناتها، ومن ثم ترسم المدخل الصحيح للتعامل معها.. ومن الأمور التي أصبحت من المسلمات أن يهود درسوا، ولا يزالون يدرسون تاريخ المنطقة وفكرها، وموجات الغزو التي مرت عليها، والمواقع التي يمكن أن تنطلق منها المقاومة، ويستطلعونها، ويتجنبون أخطاء الغزاة السابقين، خاصة الصليبين منهم الذين احتلوا بيت المقدس، ولم يخف يهود حقيقة هامة هي: أن مراكز المقاومة الإسلامية والمواقع الإسلامية الفكرية التي تمثل القيادة الحقيقية للأمة هي مكمن الخطر بالنسبة لهم، فكان لا بد من القضاء عليها، وما ترافق الإصابات الإسلامية على مختلف المستويات للاحتلال اليهودي الفكري والعسكري إلا مصداق ذلك..
القضية وما فيها، كما يقال: إن إسرائيل تنتهي إلى الموقف بعد استيعاب ودراسة وتحليل ودراية للصورة بجوانبها المختلفة، وتتحين الظروف المناسبة، وتستفيد من الدرس التاريخي والتجارب السابقة في المنطقة.. أما نحن العرب فإننا نسارع إلى اتخاذ الموقف بعيداً عن إمكانياتنا وإمكانات عدونا، وما نستطيع وما لا نستطيع بمزيد من الانفعال والعاطفية، ثم نبدأ بمحاولة الاستيعاب، وذلك بدراسة أسباب الموقف وأبعاده والآثار المترتبة عليه، وقبل الانتهاء من ذلك واختباره بشكل صحيح ينقلنا العدو إلى موقع آخر وموقف جديد لنبدأ مرة أخرى عملية التفتيش عن أسبابه ومسوغاته ومدى ملاءمته,, وهكذا قامت سياية إسرائيل على الأخذ بزمام المبادهة، والقدرة على تحريكنا من موقع إلى آخر بإرادتنا تارة، وبدفعنا في كثير من الأحيان، وهكذا يستمر التغيير في قائمة الممكن والمستحيل ابتداءً من الاحتلال وحتى هذه الساعة.. ولعل الدراسة والتحليل يعطي العدو تقديراً مسبقاً للموقف الذي يمكن أن يكون عليه العرب، ومدى قدرتهم على استيعابه وتمثلهم له، وهنا يزداد حجم المأساة، وتكبر صورة الإحباط، ويبدأ فريق من الناس بطرح قضية الممكن والمستحيل في التعامل مع يهةد، ويلبسونها ثوب العقلانية وبلوغ مرحلة الرقي الحضاري تارة، وتسويغ الواقع الاحتلالي باسم الواقعية تارة أخرى..
وقد يظن بعضنا، ويكون ظنه عن حسن نية، أننا فوتنا الممكن الذي كان بمقدورنا الحصول عليه من يهود في سبيل طلب المستحيل ؛ والذي ينظر إلى تطورات القضية نظرة سريعة متعجلة قد يرى الرأي، ويذهب هذا المذهب، إلا أن الذي يتجاوز بنظرته الصورة، تتبدى له حقيقة على غاية من الأهمية والخطورة، وهي: أن إسرائيل كانت على معرفة كاملة بالموضوع من خلال ردود الفعل العربية، ومدى قدرة العرب على استخدام إمكاناتهم، وكانت تبني موقفها على الرفض العربي المقدر سلفاً، ولولاء هذا التقدير طرح إسرائيل للحلول أصلاً، إنها تعتمد الرفض العربي عندما تقدم لهم لائحة الممكنات، فإذا راجع موقعهم، وقبلوا ما كان مرفوضاً مسبقاً، عادت إسرائيل إلى استبدال لوائح التنازلات ليصبح الممكن مستحيلاً: فما ممكناً في مرحلة ما غدا الآن مستحيلاً، ولو كنا مهيئين في حينه لقبوله، أو كانت استطلاعات الرأي عند إسرائيل تفيد بقبوله لما طرح أصلاً، فنعيش فترة التلاوم كما قدمنا، وتستمر مرحلة الوهن والعد التنازلي، ويقف بعضنا ليبكي على الأطلال، وإسرائيل ماضية في بناء أطلال جديدة للعرب، ومستوطنات جديدة لليهود..
صراع ديني حضاري بحماية عسكرية
إن الغزو الإسرائيلي الذي يشكل أحدث حلقة في الغزو الاستعماري التاريخي لعالمنا الإسلامي ليس عسكرياً استيطانياً فحسب، وإنما هو غزو فكري ثقافي، وصراع ديني حضاري بحماية عسكرية وعنصر بشري استيطاني مزود برؤية دينية توراتية وتفوق تكنولوجي عالمي.. من هنا فإنه يختلف عن الحملات الصليبية والغزو الاستعماري التاريخي كله الذي مر بالعالم الإسلامي.
وإن نظرة بسيطة على مناهج التعليم في الأرض المحتلة، والصورة المشوهة التي تقدمها الخطة التعليمية عن الثقافة الإسلامية والدين الإسلامي، التي تقدم للطلبة المسلمين، والتهويد الثقافي الذي تمارسه مؤسسات التعليم والإعلام صباح مساء.. ترينا أن العملية أخطر بكثير من احتلال الأرض، ذلك أن احتلال إسرائيل للنفوس هو يمكنها دائماً من احتلال الأرض، وإذا لم نستطع إخراج إسرائيل من نفوسنا، بالقيام بعملية تنقية ومطاردة لصور التهويد في حياتنا، فسوف لا نستطيع إخراجها من أرضنا..
إن عملية التهويد في الأرض المحتلة، وحذف أية كلمة في مناهج التعليم تتعرض ليهود، أو تتكلم عن أخلاقهم أو مواقفهم التاريخية، والتطبيع الثقافي في الأراضي المرشحة للاحتلال هو المطلب الأسرائيلي الأول في المعاهدات والمفاوضات قبل الأمن وقبل الانسحاب.. إنها تستعمل العسكرية وسيلة لا بد منها لفتح الطريق أمام الغزو الثقافي، ولفتح الخروق في الحياة الثقافية الإسلامية لتبدأ عملية الانهيار النفسي بعد انهيار الجدار العسكري..
إن إسرائيل تدرك هذا تماماً، وتعمل له، وتعتبره في رأس قائمة المطلوبات، والمفاوضات التي جرت في لبنان بعد الغزو هي الصورة الأحدث حيث تقرر إسرائيل أن مسألة تطبيع العلاقات يجب أن تبحث قبل الأمن، وقبل الانسحاب، لأن الحكومة الإسرائيلية تعلق على ذلك أهمية بالغة وتجتمع له، في الوقت نفسه تقدم المدرسين لتعليم اللغة العبرية في مدارس جنوبي لبنان، وتطلب إلى أعضاء الكنيست تلقي دروساً باللغة العربية استعداداً لمرحلة ما بعد الصلح، وتنظم لهم دورات تستمر ثلاثة أشهر، ويؤكد وزير المعارف (زفلون هامر) في كلمته أثناء افتتاح الدورة الأولى أهمية تعلم اللغة العربية خاصة بعد توقيع معاهدات السلام، ويقول: (إنه يأمل أن يحذو الاسرائيليون خذو أعضاء الكنيست في تعلمها.. )
احتلال عالم الأفكار
ويذهب المتخصصون من العلماء والـباحثين والمفكرين والمنظرين إلى معسكرات الاعتقال ( معسكر أنصار ) ويبدؤون دراسة على الشباب الفلسطيني المعتقل لتوظيفها كممعلومات توضح في حساب المخططين للمنطقة، وفي مقدمة الأسئلة طبعاً: ورصد التوجه الإسلامي، ورأيهم في الإسلام ومدى اقتناعهم به؛ أما ممارساتها في جامعات الأرض المحتلة، والمناهج التي تعتمد تاريخ الفتن في الأمة الإسلامية فبات أمراً معروفاً..
إن الواقع النفسي اليوم يختلف عنه في معاركنا السابقة جميعاً، ونحن هنا لا نريد أن نعيد ما قيل في أعقاب هزيمة عام 1967م: من أن إسرائيل لم تحقق أهدافها من الغزو حيث احتلت الأرض ولم تحتل الإرادة، ولم تسقط الأنظمة في ذلك الوقت !! وإنما من الأمور التي أصبحت حقيقة تاريخية أنه إذا سلم للأمة عالم أفكارها وثقافتها، فقد سلم لها كل شيء على المدى البعيد مهما كانت الضربات موجعة، والهزائم العسكرية منكرة، ومهما انتقص العدو من أرضها ومالها وأشيائها، صحيح أن الأشياء تأتي ثمرة لوجود الأفكار وحصيلة لها، وأن عالم الثقافة والأفكار إذا كان سليماً معافى يحول دون انتقلص الأشياء، وأن قدرة العدو علىانتقاص الأشياء واحتلال الأرض يعني فيما يعني الخلل والضمور والغياب أو التمزق في عالم الأفكار.. وأن الاحتلال والاستعمار لا يكون إلا بوجود القابلية له والاستعداد لاستقباله، الوسيلة لمواجهته إنما تكون باستشعار التحدي وإيقاظ عالم الأفكار، وإعادة بنائه..
لذلك نسطيع أن نقول: إن أعداء الأمة من يهود وغيرهم فكروا بالموقع الآخر، وهو احتلال عالم الأفكار.. وقد يحال بين الأمة واستخدام قوتها في المواجهة بسبب من عجز أو تمزق أو عدم وجود قيادات قادرة على تجميع الطاقات وحسن استخدام الإمكانات، وعدم وضعها في الزمان والمكان المناسب، فلا يبقى لها والحالة هذه، إلا الاعتصام وحماية عالم أفكارها حتى تتاح لها فرصة استرداد الأرض والتخليص من آثار العدوان.
من هنا نستطيع أن نقول : لا بد أن تدرك الجماهير المسلمة ـ وقد تكون هذه التوعية مهمة القيادات الفكرية في العالم الإسلامي ـ خطر التهويد الثقافي وآثاره البعيدة على الأمة، في الوقت الذي حيل بينها وبين المعركة، ونجح عدوها في إبعاد الإسلام عن أرض المعركة في هذه المرحلة بالذات.. الأمر الذي لم يعد خافياً على أحد ، لأن استمرار العدوان مرهون بإبعاد الإسلام .
إن مهمة الجماهير المسلمة ومسؤوليتها تتوحد الآن بإقامة الدفاعات الفكرية، والتحصين الثقافي، وحماية الأمة من التذويب والذوبان، وعزل الهزيمة العسكرية وتهميشها وتحجيمها للحيلولة دون بلوغها هدفها ومرماها بأقل قدر ممكن من الضحايا، وفي تاريخ المسلمين الوقائع الكثيرة التي هزم فيها المسلمون عسكرياً وبقي الإسلام ثقافة وحضارة وعلماً ودرعاً واقية .
وما تجربة الشيخ عبد الحميد بن باديس، وهي من أحدث التجارب تقريباً، وجمعية العلماء المسلمين في الجزائر عنا ببعيد، فلقد دخلت فرنسا الجزائر مستعمرة منصرة مفرنسة، واستمر احتلالها أكثر من مائة وثلاثين عاماً، تعتبر الجزائر قطعة منها وتطبق عليها القوانين الفرنسية، ومناهج التعليم الفرنسية، وتحاول إلغاء عروبة الجزائر وإسلامها، وكانت المواجهة مع كتاتيب (ابن باديس ) في السهول والجبال والقرى والمدن، هي التي حمت عربية الجزائر وإسلامها بعد ستة أجيال نشأت في ظل الغزو الثقافي والاحتلال العسكري تقريباً.. فهل ندرك الحقيقة، ونلتزم بالإسلام، ونستشعر المسؤولية، ونؤدي الواجب، ونحول دون الهزيمة النفسية، والغزو الثقافي، والسقوط الحضاري؟!!..
الموضوع الذي نريد أن نعرض له ليس أمراً منقطعاً عما سبق من المعالجات في إطاتر ما أسميناه ( المشكلة الثقافية ) التي نعاني من آثارها على كل المستويات، بل لعله في صميم القضية التي نتحدث عنها، وإن كان يشكل الوجه الآخر لها، وقد يكون الأكبر بروزاً وإلحاحاً الآن.
وكان مما ألمحنا إليه في أكثر من مناسبة: أن العالم الإسلامي على الرغم من الكوارث والنكبات والنكسات التي حلت به تاريخياً، وما رافقها من وسائل التدمير والهمجية، بقي قارداً على الاحتفاظ بانتماء للإسلام، موقناً بأنه الطريق الوحيد للوصول إلى تحقيق الأهداف ومواجهة الاحتلال على كل الأصعدة على الصمود والمواجهة العسكرية؛ وكان هذا الانتماء دائماً مرتكز القادة والمفكرين والمصلحين ودعاة التجديد وحاملي لواء التحرير، وما أن عاد الإسلام للأمة، أو عادت للإسلا م بفاعلية والتزام حتى كان درعها الواقية، وحربتها النافذة، واستطاعت به أن تقف أمام العسكر المغولي والغزو الصليبيـ الذي كان قادراً على أن يهزمها عسكرياً ويحتل أرضها ـ لكنه ظلَّ عاجزاً عن أن يُلحق بها الانتكاسة النفسية والهزيمة الحضارية، وكثيرة هي البلاد الإسلامية التي هُزمت سياسياً، واحتُلت عسكرياً، وبقي لها الإسلام علماً وحضارة وثقافة وانتماء، الأمر الذي مكن لها من الصمود، وأعانها على النهوض والمواجهة من جديد.
وكانت هذه القضية موضع دراسة وتفكير وتحليل لاكتشاف مكامن القوة الحقيقية التي ترتكز عليها الأمة الإسلامية، وكان لا بد من إيجاد وسائل جديدة باستمرار بعد استبانة خطأ وعجز كل الوسائل السابقة، ولقد اعترف كثير من المفكرين والباحثين في مكونات الأمم، وأسباب نهوضها وسقوطها، والقوانين التي تنتظم الدورات الحضارية، أن حساباتهم لم تنطبق على الإسلام كدين له ثقافته وحضارته، والمسلمين كأمة تنتمي له سواء التزمت به، أو ضعف التزامها به، ولا يزال هذا الأمر محيراً، والحسابات له تفاجأ بكثير من الخطأ، ابتداءً من العصر الأول، وإنتهاءً بالواقع الحالي..
فعمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي ذهب غاضباً لقتل أخته وصهره اللذين أسلما، عاد من رحلته مسلماً، أعز الله به الإسلام، وتحدى الشرك والمشركين ..
طرائق جديدة للقضاء على الالتزام بالإسلام
وكثيرة هي البلاد الإسلامية التي فُرضت عليها ( أيديولوجيات ) معينة بقوة السلاح، وتوهم أصحابها أنها استجابت لها عندما رأوها ساكتة لحماية نفسها من البطش والحصول على لقمة العيش، ثم ما لبثت أن عادت لإسلامها عند أول فرصة سنحت.. وليست حركة اليقظة الإسلامية التي انبعثت في العصر الحديث ـ بعد إسقاط الخلافة، وإيجاد البدائل الفكرية، والظن بأن القضية الإسلامية ذهبت إلى غير رجعة ـ إلا الشاهد الجديد على أن الحسابات المضية عن عالم المسلمين أخطأت كلها، وباتت عاجزة عن الوصول إلى النتائج المرجوة، فكان لا بد من وسائل جديدة تقتضي على الالتزام بالإسلام والانتماء له معاً، وذلك بإعداد جيل عاق للإسلام ثمرة للمدرسة الاستعمارية، وضحية للغزو الفكري..
ونستطيع أن نقول: إن القضية الفلسطينية بكل تطوراتها، وصورها، وآثارها المختلفة، وطروحاتها الكثيرة، والتحولات الكبرى التي حكمت مساراتها هي: الساحة الأحداث التي انتهى إليها الاستعمار، وصب فيها كل تجاربه وخبراته التاريخية ووسائله المختلفة، وتحدياته المتعددة، ولا شك أن هذه الساحة، تمكن لناـ لو كنا على مستوى قضايانا ـ أن نستقريء صورة أعدائنا، ونتبين وسائلهم، ونحدد مواقعهم، وندرك أهدافهم..
وقد يكون صحيحاً إلى حد بعيد ـ ونحن نعاني اليوم في كثير من قطاعات الحياة من فقدان الانتماء للإسلام والالتزام به، ونعيش مرحلة الضياع والتمزق والتخلف ـ قد يكون صحيحاً أن الإنسان في مراحل التخلف، ومناخ التخلف، يصبح عاجزاً عن الإبصار والاعتبار؛ ولكن المحقق أيضاً أن التحدي الثقافي والحضاري، والانكسار العسكري يوقظ الحس، ويلهب المشاعر، ويذكي الروح، ويعيد الانتماء، ويدفع إلى الالتزام، ويجمع الطاقات النفسية والمادية لتبدأ عملية الإقلاع من جديد.
إن القضية الفلسطينية بكل أبعادها ما تزال هي القضية المركزية للأمة العربية الإسلامية على مدى نصف قرن من الزمان، ولعلها تعتبر من التحولات الكبرى في تاريخ المسلمين الحديث بعد إسقاط الخلافة، إن لم تكن لها، ذلك أن الكثير من المعاني التي حكمت ( المسألة الشرقية ) وتحكمت بها تكاد تكون هي العوامل نفسها التي تحكم قضية (الشرق الأوسط ) وتتحكم فيها، مع بعض التصرف بالأسماء والمسميات، الأمر الذي لا بد منه للقضية نفسها.
ولقد كثرت القراءات والدراسات والتعليلات والتقويمات لهذه القضية الخطيرة، وسادت شعارات للتحرير، وبادت شعارات أخرى، ولعل كثيرين ممن يمتلكون القراءة الصحيحة والصادقة للصورة لم يدلوا بآرائهم، واكتفوا بالقراءة الصامتة، لأن صوتهم غير مسموع، أو لأنه لا يسمح لهم برفع أصواتهم، فقد أسكتها يهود بشكل أو بآخر.. حتى أصبحت القضية تشبه إلى حد بعيد المرض المتواضع المزمن الذي تتعدد معه الأدوية والتجارب التي تتأتي ثمرة لليأس، ولا تكون على بصيرة..
والعالم العربي الإسلامي يعيش الآن أكثر من أي وقت مضى فترة التلاوم على الإفراط من بعض من تصدوا لحل القضية والتفريط من بعضهم الآخر، وإسرائيل تخضع كل القضايا للدراسات والاختبار والتحليل، والتعرف على واقع المنطقة وثقافاتها وإمكاناتها، ومن ثم ترسم المدخل الصحيح للتعامل معها.. ومن الأمور التي أصبحت من المسلمات أن يهود درسوا، ولا يزالون يدرسون تاريخ المنطقة وفكرها، وموجات الغزو التي مرت عليها، والمواقع التي يمكن أن تنطلق منها المقاومة، ويستطلعونها، ويتجنبون أخطاء الغزاة السابقين، خاصة الصليبين منهم الذين احتلوا بيت المقدس، ولم يخف يهود حقيقة هامة هي: أن مراكز المقاومة الإسلامية والمواقع الإسلامية الفكرية التي تمثل القيادة الحقيقية للأمة هي مكمن الخطر بالنسبة لهم، فكان لا بد من القضاء عليها، وما ترافق الإصابات الإسلامية على مختلف المستويات للاحتلال اليهودي الفكري والعسكري إلا مصداق ذلك..
القضية وما فيها، كما يقال: إن إسرائيل تنتهي إلى الموقف بعد استيعاب ودراسة وتحليل ودراية للصورة بجوانبها المختلفة، وتتحين الظروف المناسبة، وتستفيد من الدرس التاريخي والتجارب السابقة في المنطقة.. أما نحن العرب فإننا نسارع إلى اتخاذ الموقف بعيداً عن إمكانياتنا وإمكانات عدونا، وما نستطيع وما لا نستطيع بمزيد من الانفعال والعاطفية، ثم نبدأ بمحاولة الاستيعاب، وذلك بدراسة أسباب الموقف وأبعاده والآثار المترتبة عليه، وقبل الانتهاء من ذلك واختباره بشكل صحيح ينقلنا العدو إلى موقع آخر وموقف جديد لنبدأ مرة أخرى عملية التفتيش عن أسبابه ومسوغاته ومدى ملاءمته,, وهكذا قامت سياية إسرائيل على الأخذ بزمام المبادهة، والقدرة على تحريكنا من موقع إلى آخر بإرادتنا تارة، وبدفعنا في كثير من الأحيان، وهكذا يستمر التغيير في قائمة الممكن والمستحيل ابتداءً من الاحتلال وحتى هذه الساعة.. ولعل الدراسة والتحليل يعطي العدو تقديراً مسبقاً للموقف الذي يمكن أن يكون عليه العرب، ومدى قدرتهم على استيعابه وتمثلهم له، وهنا يزداد حجم المأساة، وتكبر صورة الإحباط، ويبدأ فريق من الناس بطرح قضية الممكن والمستحيل في التعامل مع يهةد، ويلبسونها ثوب العقلانية وبلوغ مرحلة الرقي الحضاري تارة، وتسويغ الواقع الاحتلالي باسم الواقعية تارة أخرى..
وقد يظن بعضنا، ويكون ظنه عن حسن نية، أننا فوتنا الممكن الذي كان بمقدورنا الحصول عليه من يهود في سبيل طلب المستحيل ؛ والذي ينظر إلى تطورات القضية نظرة سريعة متعجلة قد يرى الرأي، ويذهب هذا المذهب، إلا أن الذي يتجاوز بنظرته الصورة، تتبدى له حقيقة على غاية من الأهمية والخطورة، وهي: أن إسرائيل كانت على معرفة كاملة بالموضوع من خلال ردود الفعل العربية، ومدى قدرة العرب على استخدام إمكاناتهم، وكانت تبني موقفها على الرفض العربي المقدر سلفاً، ولولاء هذا التقدير طرح إسرائيل للحلول أصلاً، إنها تعتمد الرفض العربي عندما تقدم لهم لائحة الممكنات، فإذا راجع موقعهم، وقبلوا ما كان مرفوضاً مسبقاً، عادت إسرائيل إلى استبدال لوائح التنازلات ليصبح الممكن مستحيلاً: فما ممكناً في مرحلة ما غدا الآن مستحيلاً، ولو كنا مهيئين في حينه لقبوله، أو كانت استطلاعات الرأي عند إسرائيل تفيد بقبوله لما طرح أصلاً، فنعيش فترة التلاوم كما قدمنا، وتستمر مرحلة الوهن والعد التنازلي، ويقف بعضنا ليبكي على الأطلال، وإسرائيل ماضية في بناء أطلال جديدة للعرب، ومستوطنات جديدة لليهود..
صراع ديني حضاري بحماية عسكرية
إن الغزو الإسرائيلي الذي يشكل أحدث حلقة في الغزو الاستعماري التاريخي لعالمنا الإسلامي ليس عسكرياً استيطانياً فحسب، وإنما هو غزو فكري ثقافي، وصراع ديني حضاري بحماية عسكرية وعنصر بشري استيطاني مزود برؤية دينية توراتية وتفوق تكنولوجي عالمي.. من هنا فإنه يختلف عن الحملات الصليبية والغزو الاستعماري التاريخي كله الذي مر بالعالم الإسلامي.
وإن نظرة بسيطة على مناهج التعليم في الأرض المحتلة، والصورة المشوهة التي تقدمها الخطة التعليمية عن الثقافة الإسلامية والدين الإسلامي، التي تقدم للطلبة المسلمين، والتهويد الثقافي الذي تمارسه مؤسسات التعليم والإعلام صباح مساء.. ترينا أن العملية أخطر بكثير من احتلال الأرض، ذلك أن احتلال إسرائيل للنفوس هو يمكنها دائماً من احتلال الأرض، وإذا لم نستطع إخراج إسرائيل من نفوسنا، بالقيام بعملية تنقية ومطاردة لصور التهويد في حياتنا، فسوف لا نستطيع إخراجها من أرضنا..
إن عملية التهويد في الأرض المحتلة، وحذف أية كلمة في مناهج التعليم تتعرض ليهود، أو تتكلم عن أخلاقهم أو مواقفهم التاريخية، والتطبيع الثقافي في الأراضي المرشحة للاحتلال هو المطلب الأسرائيلي الأول في المعاهدات والمفاوضات قبل الأمن وقبل الانسحاب.. إنها تستعمل العسكرية وسيلة لا بد منها لفتح الطريق أمام الغزو الثقافي، ولفتح الخروق في الحياة الثقافية الإسلامية لتبدأ عملية الانهيار النفسي بعد انهيار الجدار العسكري..
إن إسرائيل تدرك هذا تماماً، وتعمل له، وتعتبره في رأس قائمة المطلوبات، والمفاوضات التي جرت في لبنان بعد الغزو هي الصورة الأحدث حيث تقرر إسرائيل أن مسألة تطبيع العلاقات يجب أن تبحث قبل الأمن، وقبل الانسحاب، لأن الحكومة الإسرائيلية تعلق على ذلك أهمية بالغة وتجتمع له، في الوقت نفسه تقدم المدرسين لتعليم اللغة العبرية في مدارس جنوبي لبنان، وتطلب إلى أعضاء الكنيست تلقي دروساً باللغة العربية استعداداً لمرحلة ما بعد الصلح، وتنظم لهم دورات تستمر ثلاثة أشهر، ويؤكد وزير المعارف (زفلون هامر) في كلمته أثناء افتتاح الدورة الأولى أهمية تعلم اللغة العربية خاصة بعد توقيع معاهدات السلام، ويقول: (إنه يأمل أن يحذو الاسرائيليون خذو أعضاء الكنيست في تعلمها.. )
احتلال عالم الأفكار
ويذهب المتخصصون من العلماء والـباحثين والمفكرين والمنظرين إلى معسكرات الاعتقال ( معسكر أنصار ) ويبدؤون دراسة على الشباب الفلسطيني المعتقل لتوظيفها كممعلومات توضح في حساب المخططين للمنطقة، وفي مقدمة الأسئلة طبعاً: ورصد التوجه الإسلامي، ورأيهم في الإسلام ومدى اقتناعهم به؛ أما ممارساتها في جامعات الأرض المحتلة، والمناهج التي تعتمد تاريخ الفتن في الأمة الإسلامية فبات أمراً معروفاً..
إن الواقع النفسي اليوم يختلف عنه في معاركنا السابقة جميعاً، ونحن هنا لا نريد أن نعيد ما قيل في أعقاب هزيمة عام 1967م: من أن إسرائيل لم تحقق أهدافها من الغزو حيث احتلت الأرض ولم تحتل الإرادة، ولم تسقط الأنظمة في ذلك الوقت !! وإنما من الأمور التي أصبحت حقيقة تاريخية أنه إذا سلم للأمة عالم أفكارها وثقافتها، فقد سلم لها كل شيء على المدى البعيد مهما كانت الضربات موجعة، والهزائم العسكرية منكرة، ومهما انتقص العدو من أرضها ومالها وأشيائها، صحيح أن الأشياء تأتي ثمرة لوجود الأفكار وحصيلة لها، وأن عالم الثقافة والأفكار إذا كان سليماً معافى يحول دون انتقلص الأشياء، وأن قدرة العدو علىانتقاص الأشياء واحتلال الأرض يعني فيما يعني الخلل والضمور والغياب أو التمزق في عالم الأفكار.. وأن الاحتلال والاستعمار لا يكون إلا بوجود القابلية له والاستعداد لاستقباله، الوسيلة لمواجهته إنما تكون باستشعار التحدي وإيقاظ عالم الأفكار، وإعادة بنائه..
لذلك نسطيع أن نقول: إن أعداء الأمة من يهود وغيرهم فكروا بالموقع الآخر، وهو احتلال عالم الأفكار.. وقد يحال بين الأمة واستخدام قوتها في المواجهة بسبب من عجز أو تمزق أو عدم وجود قيادات قادرة على تجميع الطاقات وحسن استخدام الإمكانات، وعدم وضعها في الزمان والمكان المناسب، فلا يبقى لها والحالة هذه، إلا الاعتصام وحماية عالم أفكارها حتى تتاح لها فرصة استرداد الأرض والتخليص من آثار العدوان.
من هنا نستطيع أن نقول : لا بد أن تدرك الجماهير المسلمة ـ وقد تكون هذه التوعية مهمة القيادات الفكرية في العالم الإسلامي ـ خطر التهويد الثقافي وآثاره البعيدة على الأمة، في الوقت الذي حيل بينها وبين المعركة، ونجح عدوها في إبعاد الإسلام عن أرض المعركة في هذه المرحلة بالذات.. الأمر الذي لم يعد خافياً على أحد ، لأن استمرار العدوان مرهون بإبعاد الإسلام .
إن مهمة الجماهير المسلمة ومسؤوليتها تتوحد الآن بإقامة الدفاعات الفكرية، والتحصين الثقافي، وحماية الأمة من التذويب والذوبان، وعزل الهزيمة العسكرية وتهميشها وتحجيمها للحيلولة دون بلوغها هدفها ومرماها بأقل قدر ممكن من الضحايا، وفي تاريخ المسلمين الوقائع الكثيرة التي هزم فيها المسلمون عسكرياً وبقي الإسلام ثقافة وحضارة وعلماً ودرعاً واقية .
وما تجربة الشيخ عبد الحميد بن باديس، وهي من أحدث التجارب تقريباً، وجمعية العلماء المسلمين في الجزائر عنا ببعيد، فلقد دخلت فرنسا الجزائر مستعمرة منصرة مفرنسة، واستمر احتلالها أكثر من مائة وثلاثين عاماً، تعتبر الجزائر قطعة منها وتطبق عليها القوانين الفرنسية، ومناهج التعليم الفرنسية، وتحاول إلغاء عروبة الجزائر وإسلامها، وكانت المواجهة مع كتاتيب (ابن باديس ) في السهول والجبال والقرى والمدن، هي التي حمت عربية الجزائر وإسلامها بعد ستة أجيال نشأت في ظل الغزو الثقافي والاحتلال العسكري تقريباً.. فهل ندرك الحقيقة، ونلتزم بالإسلام، ونستشعر المسؤولية، ونؤدي الواجب، ونحول دون الهزيمة النفسية، والغزو الثقافي، والسقوط الحضاري؟!!..
موضوع جميل جداا شكرا جزيلا لك في انتظار جديدك القادم
صفحة 1 من اصل 1
مواضيع مماثلة
سجل دخولك أو أنشئ حسابا لترك رد
تحتاج إلى أن تكون عضوا من أجل ترك الرد.